قوله : «من أفطر في نهار شهر رمضان متعمّدا» بناء على أنّ المراد به نفس الإفطار لا كناية عن الأكل فليس داخلا في محلّ الكلام ؛ إذ بالأكل قد أفطر فلا يكون الأكل الثاني ولا الارتماس مفطرا حينئذ.
إذا عرفت هذا فنقول : الأقوال في المسألة ثلاثة : استظهار التداخل من الأدلّة. واستظهار عدم التداخل. والتفصيل بين تعدّد السبب جنسا فالتعدّد واتّحاده جنسا فالتداخل ، نظرا إلى أنّ الطبيعة هي موضوع الحكم والطبيعة لا تتعدّد بتعدّد أفرادها ، فلو أتى بالطبيعة مرّتين فالطبيعة لم تتعدّد فلم يتحقّق إلّا موضوع واحد ، بخلاف ما إذا كان الفردان من طبيعتين فإنّ كلّ فرد محقّق لطبيعة ، والمفروض أنّ كلّ واحدة من الطبيعتين موضوع لحكم الشارع ، فتكرّر الحكم حينئذ لتكرّر موضوعه.
ولا يخفى أنّ هذا التفصيل لا وجه له ؛ لأنّه إذا استظهرنا من الأدلّة كون كلّ من الموضوعين باستقلاله موضوعا لحكم الشارع مثلا فبإطلاقه يقتضي حدوث الحكم سبقه موضوع آخر أم لا ، فبحدوثه يحدث الحكم سواء سبقه موضوع آخر أم لم يسبقه. هذا إذا كان الجنس متعدّدا ، وكذا إذا تعدّد الفرد من جنس واحد فإنّ مقتضى جعل الحكم متعلّقا بالطبيعة كون الطبيعة موضوعا للحكم ، وحينئذ فهي منحلّة إلى كلّ فرد فرد من أفراد تلك الطبيعة ، فإنّها من قبيل القضايا الحقيقيّة كما في غير هذا المورد ، فإنّ كلّ موضوع لحكم شرعي ينحلّ الحكم فيه إلى أحكام بتعدّد أفراده من غير فرق بين كون القضيّة إخباريّة أم إنشائيّة. ولا يخفى أنّ هذا الظهور هو الذي يفهمه العرف من مثل هذه الجمل ، ومقتضاه نفي القول بالتفصيل ونفي القول بالتداخل. فيقع الكلام في أنّ هذا الظهور له معارض ليرفع اليد عنه أم لا؟
فنقول : ذكر القائلون بالتداخل أنّ هذا الظهور معارض بظهور الجملة بطلب صرف وجود الطبيعة وصرف الوجود غير قابل للاثنينيّة كما هو واضح ، فظهور الجزاء في الجملة الشرطيّة مثلا بصرف الوجود الغير القابل للاثنينيّة عقلا يكون رافعا لظهور الجملة الشرطيّة في تكرار الحكم ، فيرتفع ظهورها في الحدوث عند