وإن كان بينهما عموم من وجه فالكلام الكلام فإذا قال المولى : أكرم عادلا ، وقال ثانيا : أكرم عالما ، فلو أكرم العادل الغير العالم ، وأكرم العالم الغير العادل فقد سقط التكليفان لتحقّق امتثالهما ، وإن أكرم العالم العادل فقد سقط كلا التكليفين ؛ لأنّ أمر «أكرم عالما» مطلق بالإضافة إلى العادل وغيره ، وكذا أكرم عادلا مطلق بالإضافة إلى العالم وغيره ، فقد رخّص في تطبيق كلّ من الطبيعتين بما يجتمع مع الآخر بمقتضى الإطلاق. فهذا الفرد الخارجي ـ وهو إكرام العالم العادل ـ قد انطبق كلّ من التكليفين عليه ، فلا بدّ من سقوطهما معا. ومن هذا القبيل ما ذهب إليه بعضهم من إمكان نيّة صلاة الغفيلة بنافلة المغرب ؛ لأنّه لم يشترط في نافلة المغرب أن لا يقرأ فيها الآيات المعتبرة في صلاة الغفيلة والنسبة عموم مطلق ، فإذا أتى بها بنيّة نافلة المغرب فقد أتى بكلّ منهما (١) هذا في غير الامور القصديّة.
وأمّا الامور القصديّة فلا ريب في توقّفها على القصد كما ورد النصّ بذلك في الغسل (٢) ، فإذا قصد المكلّف بغسله الجنابة والحيض والجمعة والعيد ومسّ الميّت أجزأه ذلك الغسل قطعا ، وإن قصد بعضها لم يجزئ في غير الجنابة ، فإنّها مجزئة للنصّ بذلك أيضا (٣). وهل الوضوء كالغسل فيعتبر فيه قصد رفع الحدث من جهة النوم ، ومن جهة البول ، ومن جميع جهات الحدث ، فرفع جهات الحدث فيه موقوف على القصد أم لا؟ فلو قصد بعضها دون الآخر فهل يصحّ وضوؤه أم لا؟ وجهان بل قولان : فقول بالصحّة ؛ لأنّ قصد رفع الحدث متحقّق وهو لا يتبعّض ، وقول بالبطلان ؛ لأنّ قصد رفع حدث النوم بخصوصه دون حدث البول تناقض ، فيبطل لذلك لأوله إلى عدم قصد رفع الحدث. وقد اختار الميرزا النائيني
__________________
(١) انظر الجواهر ٧ : ٤٠ ـ ٤١.
(٢) انظر الوسائل ١ : ٥٢٥ ، الباب ٤٣ من أبواب الجنابة.
(٣) انظر المصدر السابق.