وإن لم يعلم ذلك فإن كان الحكم في الجملة مستفادا من الهيئة الذي هو معنى حرفي فالظاهر من جميع القيود كونها راجعة إلى الفعل ومادّة الهيئة ؛ لأنّها من ملابسات الأفعال وحينئذ فلا دلالة لها على المفهوم ، وإن لم يكن مستفادا من معنى حرفي بل من معنى اسمي فإن لم يكن المتعلّق مذكورا في الكلام ـ كأن قال : يحرم الخمر إلى أن يضطرّ إليه مثلا ـ فهو ظاهر في رجوع القيد إلى الحكم فتدلّ على المفهوم ، وإن كان المتعلّق مذكورا كأن قال المولى : «يجب الصيام إلى الليل» فالجملة محتملة لأن يرجع القيد فيها إلى الوجوب وأن يرجع فيها القيد إلى الواجب أيضا ولا معيّن من ظهور عرفي في أحدهما ، وحينئذ فإن كان هناك معيّن من قرينة حاليّة أو مقاليّة تدلّ على رجوعه إلى الوجوب عمل به فحكم بالمفهوم ، وإن كان هناك قرينة حاليّة أم مقاليّة تدلّ على رجوعه إلى الواجب حكم بمقتضاه وأن لا مفهوم ، وإن لم يكن قرينة أصلا كان الكلام مجملا فلا يدلّ على المفهوم. هذا تمام الكلام في النزاع في دلالة الغاية على المفهوم وعدم الدلالة.
وأمّا الكلام في النزاع الثاني (١) وهو دلالة المنطوق من أنّ الغاية داخلة في المغيّا أم أنّها خارجة عنه ، ولا يخفى أنّ هذا النزاع إنّما يتصوّر حيث تكون الغاية غاية للموضوع مثل قوله : (إِلَى الْمَرافِقِ) فيتكلّم في أنّ المرفق داخل في اليد حتّى يجب غسلها أم غير داخل فلا يجب غسل المرفق.
أو تكون غاية للمتعلّق مثل «صم إلى الليل» فإنّ الليل وإن لم يتصوّر كونه داخلا في الصوم إلّا أنّه داخل فيه حكما ، بناء على دخول الغاية في المغيّا.
وأمّا إذا كانت الغاية غاية للحكم فلا يتصوّر أن تكون غاية الحكم داخلة في الحكم موضوعا أو حكما ، ومن هنا ينحصر النزاع في دخول الغاية في المغيّا فيما تكون الغاية غاية للموضوع أو غاية للمتعلّق ولا مجال له حيث يكون غاية للحكم أصلا.
__________________
(١) كذا في الأصل ، والصواب : الأوّل.