الاستثنائيّة على الحصر ليست محتاجة إلى إقامة الدليل كي يحتجّ بما ذكر ليردّ بأنّ القبول كان للاحتفاف بالقرينة مثلا.
بقي الكلام في الإشكال المعروف في كلمة التوحيد وأنّ الخبر إن قدّر موجود فلا ينفي إمكان الغير فلا تنفي الشريك ، وإن قدّر ممكن فهو مثبت لإمكان «الله» لا لوجوده إذ ليس كلّ ممكن موجودا.
والجواب : أنّ الإمكان الخاصّ لا يمكن أن يتحقّق لله تعالى ؛ إذ المفروض أنّ لفظ «إله» بمعنى واجب الوجود ، ولا يمكن أن يثبت لواجب الوجود الإمكان الخاصّ ؛ لأنّ الكلام يتنافى ، فلا بدّ من أن يراد من الإمكان الإمكان العامّ. وحينئذ فنفي الإمكان العامّ عن غيره نفي لوجود غيره ، وإثبات الإمكان العامّ له إثبات لوجوده. فلا مانع من تقدير الخبر «ممكن» ويثبت التوحيد بوجوده ونفي إمكان الشريك له ، كما أنّه يمكن أن يقدّر «موجود» ونفي الوجود عن الواجب الوجود نفي لإمكانه. فاتّضح أنّه يمكن أن يقدّر كلمة «ممكن» ولا إيراد ، كما يمكن أن يقدّر لفظ «موجود» ولا إيراد أيضا. ثمّ إنّ الكلام في «بل» و «اللام» وإفادتهما الحصر وعدمها كالكلام في مفهوم اللقب والعدد قد كفانا مئونتها صاحب الكفاية قدسسره بكفايته (١)(*).
فيقع الكلام في العموم والخصوص.
__________________
(١) كفاية الاصول : ٢٥٠.
(*) وقد نقل عن واعظ كان يعظ في بعض مساجد أصفهان وكان يبالغ في فضل التهليل فدخل حينئذ الجاحظ وجلس تحت منبره مقدارا ثمّ قال له : أيّها الشيخ إنّ لي إشكالا ، فقال له الواعظ بداهة : الذي كان يبلغنا عنك أنّ لك إشكالا في الولاية ولم يبلغنا عنك أنّ لك إشكالا في التوحيد أيضا ، وعاد الشيخ إلى وعظه. (الجواهري).