وبالجملة ، فعموم مدخول كلّ موقوف على إجراء مقدّمات الحكمة فيه ثمّ عطف عليه في ذلك النكرة في سياق النفي والنهي والجمع المحلّى باللام (١). ووافقه على ذلك الميرزا النائيني قدسسره (٢).
والظاهر : التفصيل فإنّ النكرة في سياق النفي أو النهي كما أفادوا فإنّ «لا» النافية أو الناهية إنّما تنفي مدخولها وهو يختلف سعة وضيقا والنكرة في سياقه وإن اريد بها العموم إلّا أنّه عموم المدخول ، فتعيين المدخول يحتاج إلى معيّن وليس إلّا مقدّمات الحكمة. ولهذا إذا وردت النكرة في حكم إثباتي ووردت في نفي نفس ذلك الحكم وقع التعارض بينهما ، وليس إلّا لأجل أنّ النكرة في سياق النفي كالنكرة في الإثبات لا دلالة فيها على ما اريد منها سعة وضيقا إلّا أنّ لفظ «كلّ» و «جميع» ليس كذلك ، فإنّ الظاهر أنّ لفظ «كلّ» و «جميع» موضوعة لبيان عموم المدخول ، فهي بوضعها دالّة على إلغاء احتمال الخصوصيّات في المدخول. فلا يحتاج إلى إجراء مقدّمات الحكمة في إفادة عموم المدخول ؛ ولذا لو قال : «أكرم كلّ عالم» فسأله : من غير فرق بين العادل والفاسق؟ يقول : نعم. فإذا كرّر عليه السؤال يقول له : ألم أقل لك كلّ عالم فما معنى السؤال عن هذه الخصوصيّات إذ الظاهر أنّ لفظ «كلّ» و «جميع» بيان لذلك. وكم فرق بين ما كان العموم فيه من جهة بيان العموم وبين ما كان العموم فيه من جهة عدم بيان الخصوص. ومن ثمّ قدّمنا العموم فيها على العموم المحتاج عمومه إلى مقدّمات الحكمة عند تعارضهما ؛ لأنّ الثاني موقوف على عدم البيان وذاك بيان ، فافهم.
وأمّا الجمع المحلّى باللام فلا ريب في إفادته العموم ، ومن أنكر إفادته العموم فقد كابر وجدانه ، إلّا أنّ الكلام في أنّ هذه الإفادة مستندة إلى الوضع أم إلى مقدّمات الحكمة؟ الظاهر أنّها مستندة إلى الوضع لعين ما ذكر في لفظ «كلّ» من كونها
__________________
(١) انظر كفاية الاصول : ٢٥٥.
(٢) انظر أجود التقريرات ٢ : ٢٩٢.