ولا يخفى أنّ ما ذكره الميرزا قدسسره وإن كان متينا وأنّ حكمهم بالضمان ليس من باب التمسّك بالعموم في الشبهات المصداقيّة إمّا لما ذكره في معنى الأخذ أو لأنّ الوديعة خارجة من العموم قطعا ومن قبيل المخصّص المتّصل أيضا وقد حكموا بالضمان حتّى لو ادّعاها من تلفت العين عنده وقاعدة التمسّك بالعموم في المخصّص المتّصل لم يتوهّم بها أحد ، إلّا أنّه أيضا لا يمكن أن يكون مستند مذهب المشهور هو ما ذكره ؛ لأنّ المشهور لم يخصّوا الحكم بالضمان بخصوص من ادّعى استيجار العين وأنكر المالك وادّعى غصبها ، فإنّ ما ذكره الميرزا إنّما يتمّ بخصوص ذلك وفي خصوص الأمانة الشرعيّة أيضا يتمّ بأصالة عدم الإذن الشرعي ولكنّ المشهور قد حكموا بالضمان حتّى فيما اتّفقا على كون تصرّف المتصرّف كان برضا من المالك ، كما إذا ادّعى من تلفت العين عنده كونها عارية ، وادّعى المالك كونها إجارة ، فكلاهما في المثال متّفقان على كون التصرّف كان مقرونا بالرضا ، ومعلوم أنّ استصحاب عدم رضا المالك في المقام ممّا لا مجال له ، فكيف حكم المشهور بالضمان مع عدم إمكان إثبات الجزء الثاني من جزئي موضوع الضمان؟ بل وقد حكموا بالضمان أيضا فيما لو ادّعى المتلف كونها هبة وادّعى المالك كونها قرضا ممّا اتّفقا على كون تصرّف المتلف كان في ملكه إلّا أنّ العين مضمونة بالمثل أو القيمة على دعوى المالك الأوّل.
والذي يمكن توجيه كلام المشهور به من حكمهم بالضمان في جميع فروع المسألة هو استصحاب العدم الأزلي ، فإنّه عامّ لجميع فروع المسألة. فإن أجرينا استصحاب الأعدام الأزليّة ـ كما هو الحقّ ـ صحّت فتوى المشهور بالضمان في تمام الفروع ، وإن لم نجزه لم تتمّ ؛ وذلك لأنّ التسليط من المالك إذا كان بنحو المجانيّة كان التصرّف غير مضمون ، وهذا التسليط هو وصفة المجانيّة لم يكونا قطعا قبل التسليط وقد انتقض عدم التسليط القطعي بالتسليط القطعي ويشكّ في تحقّق صفة المجانيّة وعدمها ، فاستصحاب العدم الأزلي لصفة المجانيّة ينفي صفة المجانيّة ، فيكون التسليط تسليطا ليس مجانيّا ، وهو موضوع الضمان شرعا.