والمعيّة خلاف ظاهر جعلهما جزأي الموضوع. وهذا بخلاف ما إذا اخذ الموضوع مركّبا من العرض ومحلّه كالمرأة القرشيّة ، فإنّه يستلزم تقييد العامّ بالمرأة المتّصفة بكونها غير قرشيّة. ولا يكفي في تحقّق موضوع العامّ إحراز عدم القرشيّة بنحو العدم المحمولي الذي هو مفاد ليس التامّة ، بل لا بدّ من إحرازه بنحو العدم النعتي الذي هو مفاد ليس الناقصة ، كما أنّه بالإضافة إلى المخصّص أيضا لا بدّ من كون الوصف مأخوذا بنحو الصفتيّة ومفاد كان الناقصة لا التامّة. وقد برهن على ذلك بما لا حاجة إلى ذكره لما ستعرفه إن شاء الله.
المقدّمة الثالثة : أنّ الوجود المحمولي والعدم المحمولي بالإضافة إلى شيء واحد لا يمكن تحقّقهما للزوم الجمع بين الضدّين ولا يمكن نفيهما للزوم ارتفاع الضدّين ، إلّا أنّ الوجود الناعتي والعدم الناعتي لا يمكن جمعهما ولكن رفعهما ممكن فيقال : زيد المعدوم غير متّصف بالعلم ولا بعدمه ، والطفل قبل بلوغه ليس متّصفا بالعدالة ولا بعدمها ، لعدم قابليّة المحلّ. فالشيء قبل تحقّقه يمكن أن لا يتّصف بكلّ من الوجود الناعت والعدم الناعت ؛ لأنّ الوصف من عوارض ، الموضوع وثبوت شيء لشيء فرع ثبوت المثبت له وتحقّقه في الخارج (١).
هذه هي المقدّمات التي ذكرها الميرزا النائيني قدسسره وقد رتّب عليها عدم جريان استصحاب الأعدام الأزليّة ، فإنّه بمقتضى المقدّمة الاولى يتعنون عنوان العامّ في المثال بالمرأة الغير القرشيّة ، وبمقتضى المقدّمة الثانية أنّها تتّصف بغير القرشيّة ، وبمقتضى المقدّمة الثالثة أنّها قبل وجودها غير متّصفة بكل من القرشيّة ولا عدمها ، فكيف يمكن استصحاب عدم القرشيّة؟
ولا يخفى أنّ المقدّمة الاولى ـ وهي أنّ تخصيص العموم يقتضي تعنون العامّ بغير أفراد الخاصّ بمقتضى الإرادة الجدّية أو تقييد المدخول ـ مسلّمة لا مناقشة فيها ،
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٣٢٩ ـ ٣٣٧.