كما أنّ المقدّمة الثانية ـ وهي أنّ الموضوع إذا كان مركّبا من العرض ومحلّه فلا بدّ من أخذ الاتّصاف في الموضوع ـ أيضا مسلّمة ، لا لما ذكره قدسسره من أنّه لو لم يؤخذ وصفا ومفاد كان الناقصة للزم التنافي أو الخلف ، بل لأنّ جعل الموضوع هو العرض ، ومحلّه هو ذات جعل العرض وصفا من أوصاف المعروض ، ضرورة أنّ أخذ مطلق الوصف وإن لم يكن عارضا على ذات ذلك المعروض ليس أخذا للعرض ومحلّ ذاك العرض ، بل هو أخذ لعرض محل آخر ، إلّا أنّ نقطة النزاع بيننا وبين الميرزا قدسسره التي يدور جريان العدم الأزلي في مثل المقام وعدمه عليها هي أنّ تقييد الموضوع بعدم الوصف هل يقتضي تعنون العنوان بالاتّصاف بعدم ذلك العنوان أو بعدم الاتّصاف بذلك العنوان (*)؟
__________________
(*) وقد استدلّ الميرزا قدسسره على مدّعاه : من أنّ الباقي تحت العامّ هو المتّصف بالعدم لا غير المتّصف ، بأنّ العامّ بالإضافة إلى هذا الاتّصاف إمّا أن يلحظ كونه متّصفا به أو كونه غير متّصف به أو مطلقا لاستحالة الإهمال في الواقع ، ولا ريب أنّ ملاحظة العامّ مطلقا كملاحظته متّصفا بالوجود مقطوع العدم من جهة وجود المخصّص حسب الفرض بالقرشيّة ، فلا بدّ أن يكون الباقي متّصفا بغير القرشيّة من جهة استحالة الإهمال في الواقعيّات.
والجواب بالنقض أوّلا : بأنّ كلّ مركّب حينئذ لا يمكن استصحابه حتّى الجوهرين ، ضرورة أنّ الموضوع إذا كان زيد وعمرو فهما في الواقع إمّا أن يلاحظا بالإضافة إلى صفة الاقتران مقيّدين بها أو بعدمها أو مطلقا ، ويأتي فيه الكلام حرفا بحرف.
وبالحلّ ثانيا : وهو أنّه قد لا يكون الموضوع مقيّدا بشيء ولا بعدمه ولا مطلقا ولا مهملا بل يكون التقييد به لغوا زائدا كما مثّلنا له فيما تقدّم مثلا مستقبل القبلة في العراق لا بدّ أن يكون مستدبرا للجدي ويده اليمنى إلى المغرب واليسرى إلى المشرق إلّا أنّ تقييده به لغو لا فائدة فيه ، وحينئذ فإذا قيّد الموضوع بعدم الانتساب إلى قريش ، فالتقييد حينئذ بالانتساب إلى غير قريش لازم له ، فالتقييد به لغو ، فافهم. (من إضافات بعض الدورات اللاحقة).