الخصوص فيختصّ الحكم الأوّل بالخصوص أيضا حرصا على حفظ ظهور موافقة المرجع للضمير عموما وخصوصا أم يلتزم بأنّ الضمير قد رجع إلى ذلك العموم بمعنى آخر وهو الخصوص للاستخدام؟ ففي الأوّل مخالفة لأصالة العموم وفي الثاني مخالفة لظهور موافقة المرجع للضمير ، فأيّ الظهورين يقدّم؟ فقيل بتقديم أصالة العموم ، وقيل بتقديم الموافقة بين المرجع والضمير بتخصيص العموم في الحكم الأوّل أيضا ، وقيل بالإجمال لاحتفاف الكلام بما يصلح للقرينيّة. وقد ذهب الميرزا النائيني قدسسره إلى الأوّل (١) كما ذهب صاحب الكفاية قدسسره إلى الأخير (٢) والوسط مختارنا.
وكيف كان ، فأصالة عدم الاستخدام لا تجري على مذهب الميرزا النائيني وصاحب الكفاية ؛ لأنّ جميع الاصول اللفظيّة إنّما استقرّ بناء العقلاء على إجرائها حيث يشكّ في المراد بعد كون المعنى الحقيقي والمجازي مثلا معلومين ، أما حيث يعلم المراد ويشكّ في كيفيّة إرادته فلا استقرار لبناء العقلاء على الإجراء ، ومقامنا من صغريات الثاني ؛ إذ المراد بالضمير معلوم قطعا والشكّ في أنّه كيف اريد فإذا لم تجر أصالة عدم الاستخدام فالميرزا قدسسره يقول بأنّ أصالة العموم حينئذ جارية بلا معارض إلّا أنّ صاحب الكفاية استظهر عدم جريانها أيضا ؛ لأنّها إنّما تجري حيث لا يحتفّ الكلام بما يصلح للقرينيّة ، وكون المراد من الضمير خاصّا يصلح قرينة على أنّ المراد من العامّ الخصوص فلا تجري أصالة العموم أيضا.
والظاهر جريان أصالة عدم الاستخدام ؛ لأنّها إن اريد بها بيان حال الضمير وأنّه كيف اريد منه خصوص الرجعيّات مثلا كان ما ذكر في منعه متينا ، إلّا أنّ المراد أنّ وحدة المراد من الضمير ومن مرجعه أمر عرفي مسلّم غير قابل للجدال ، فمن قال : «رأيت اليوم أسدا وكلّمته» فإنّ المراد من الضمير في قوله : «وكلّمته»
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٣٦٩ ـ ٣٧٠.
(٢) كفاية الاصول : ٢٧١ ـ ٢٧٢.