استحالة الآخر ، لعدم قابليّة المحلّ ، كما ذهب إليه الميرزا النائيني قدسسره (١) وقد تقدّم تفصيل ذلك في الواجب المطلق والمشروط.
وأمّا في مقام الإثبات فالتقابل تقابل العدم والملكة ؛ لأنّ الإطلاق في مقام الإثبات رفض القيود ، ورفضها إنّما هو في مقام إمكان أخذها ، فلا بدّ في الحكم بالإطلاق من قابليّة التقييد ، وأمّا مع عدم القابليّة للتقييد فلا يمكن التمسّك بالإطلاق.
المقدّمة الثانية : أن يكون المولى في مقام البيان من الجهة التي يراد التمسّك بالإطلاق بلحاظها ، فلو لم يكن في مقام البيان أصلا بل في مقام الإجمال أو الإهمال فلا إطلاق ، نظير قول الطبيب للمريض : «إنّك تحتاج إلى دواء» فليس للمريض أن يأخذ أيّ دواء ليشربه أخذا بإطلاق كلام الطبيب ، إذ ليس لكلامه إطلاق. ولو شكّ في أنّ المتكلّم في مقام البيان أم لا؟ فمقتضى الأصل العقلائي كونه في مقام البيان ، إذ لو اعتذر بإرادة الإجمال لا يقبل منه أصلا.
وكذا لو كان في مقام البيان من غير الجهة التي يراد الإطلاق لها فلا يجدي ذلك في التمسّك بالإطلاق ، نظير قوله تعالى : (فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ)(٢) فإنّها مسوقة لبيان أنّ الصيد لا يحتاج إلى تذكية إذا لم يدرك حيّا وليس كالميتة فلا يتمسّك بإطلاق الآية كي يستغنى عن غسل عضّة الكلب والدم الخارج بسببها ؛ لأنّه ليس في مقام البيان من هذه الجهة. ونظير أدلّة العفو عن مقدار الدرهم من الدم في لباس المصلّي ، فإنّ العفو فيه من جهة النجاسة فلو كان من غير ما يؤكل لحمه لا يجوز الصلاة فيه ؛ لأنّ كونه من فضلات ما لا يؤكل لحمه مانع عن ذلك.
__________________
(١) انظر أجود التقريرات ٢ : ٤١٦.
(٢) المائدة : ٤.