فذهب بعضهم (١) إلى أنّه ذاتي ؛ لصحّة الحمل الحقيقي ، فيقال : الإنسان طويل وذهب بعضهم (٢) إلى أنّه غريب ؛ لأنّ الحمل عنده مجازي.
ولا يترتّب على هذه الأبحاث كثير فائدة ، وإنّما المقصود في المقام دفع الشبهة الواردة في المقام ، وهي : أنّ العارض بواسطة الخارج الأخصّ غريب بالاتفاق ، مع أنّ عروض أغلب المحمولات على موضوع العلم إنّما تكون بواسطة الخارج الأخص ، مثلا قولنا : الفاعل مرفوع ، فإنّ عروض الرفع على الكلمة التي هي موضوع علم النحو بواسطة الخارج الأخصّ ، وهو الفاعل ، أو الأعمّ كعلم الاصول ، فإنّ موضوعات مسائله أعمّ من الموضوع المذكور له ، فإنّ الموضوع له هو الأدلة الأربعة ، ولكن موضوع مسائله مثلا كون الأمر للوجوب أم لا ، والنهي للتحريم أم لا من غير تقييد بالأدلّة الأربعة ، بل بنحو العموم لها ولغيرها ، فإن قلنا بأنّ العارض بواسطة الجزء الأعمّ ذاتي ارتفع الإشكال في علم الاصول وإلّا فالإشكال محكّم.
وقد شرّقوا وغرّبوا في الجواب عن هذا الإيراد ولم يأتوا بشيء ينفع ، ولا فائدة في ذكر أجوبتهم وردّها ، فنقتصر على ذكر جواب الميرزا النائيني قدسسره (٣) والتنظر فيه ، فقد ذكر في مقام الجواب عن هذا الإشكال أنّ الموجودات الخارجية لا تخلو من أقسام ثلاثة :
ـ جواهر ، وهي مشتملة على جنس وفصل ذهنا ، فالجنس ما به الاشتراك والفصل ما به الامتياز ، ومشتملة على صورة ومادّة ، فقد تذهب الصورة منها وتبقى المادّة بصورة اخرى ، كانقلاب الحيوان ملحا وصيرورة الإنسان ترابا.
__________________
(١) كالمحقق النائيني ، انظر أجود التقريرات ١ : ٨.
(٢) كصاحب الفصول ، انظر الفصول : ١٠ ونسبه إلى المشهور وهو ظاهر الكفاية أيضا ، انظر حقايق الاصول ١ : ٧.
(٣) أجود التقريرات ١ : ٧ ـ ١٠.