مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ وَمِمّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ ) ، قال : « كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا أمر بالنخيل أن يزكّى تهيّأ قوم بألوان من التمرة وهو من أردأ التمر ، يؤدّونه عن زكاتهم تمرا » إلى أن قال : « وفي ذلك نزل ( وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ ) » الحديث (١).
ولا تعارضها روايته : في قوله ( أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ ). فقال : « كان القوم قد كسبوا مكاسب سوء في الجاهليّة ، فلمّا أسلموا أرادوا أن يخرجوها من أموالهم ليتصدّقوا بها ، فأبى الله تعالى إلاّ أن يخرجوا من أطيب ما كسبوا » (٢) ؛ لجواز أن يكون صدر الآية في ذلك وذيلها في الأول.
وقد يستدلّ أيضا بقوله : « ولا يؤخذ هرمة ولا ذات عوار إلاّ أن يشاء المصدّق » في صحيحتي أبي بصير ومحمّد بن قيس (٣).
وفيه نظر ؛ لعدم صراحته في الحرمة ، مع ما فيه من الاستثناء المثبت لجواز الأخذ مع مشيّة المصدّق ، بكسر الدال ، كما هو المشهور ، أو بفتحها ، كما ذكره الخطابي ، قال : وكان أبو عبيدة يرويه : إلاّ أن يشاء المصدّق ، بفتح الدال ، يريد صاحب الماشية (٤) ، واحتمله في الذخيرة (٥).
والمرجع في صدق الأصناف إلى العرف.
ويشترط في العور ما ثبت فيه الإجماع وجرت فيه الآية ، فإنّ مثل العرج القليل أو مقطوع الاذن أو القرن ونحوهما لم يثبت فيه الإجماع ولم يعلم شمول الآية ؛ لأنّ الثابت من الأخبار ليس أزيد من استعمال الخبيث في الأردأ ، وأمّا كلّ رديء ولو قليلا فغير معلوم.
__________________
(١) الكافي ٤ : ٤٨ ـ ٩ ، الوسائل ٩ : ٢٠٥ أبواب زكاة الغلاّت ب ١٩ ح ١.
(٢) الكافي ٤ : ٤٨ ـ ١٠ ، الوسائل ٩ : ٤٦٥ أبواب الصدقة ب ٤٦ ح ١.
(٣) المتقدّمتين في ص ١٠٢ و ١١٣.
(٤) النهاية لابن الأثير ٣ : ١٨ ، لسان العرب ١٠ : ١٩٧.
(٥) الذخيرة : ٤٣٧.