تقيّد في مقام التكليف بالعلم ، كما بيّنا في محلّه ، وتوقّف إجراء الأصل على الفحص إنّما هو في الأحكام دون الموضوعات ، ووجوب المقدّمة بعد ثبوت وجوب ذي المقدّمة.
وإن تيقّن البلوغ وعلم قدره ، أخرج الزكاة منه بقدرة نقدا خالصا ، أو أخرج ربع عشر المجموع ؛ إذ به يتحقّق إخراج ربع عشر الصافي ، إلاّ إذا لم يعلم تساوي قدر الغشّ في كلّ دينار أو درهم ، فيجب حينئذ إخراج الخالص أو قيمته ؛ تحصيلا للبراءة اليقينيّة.
ولو لم يعلم قدره مع علمه بالبلوغ ، فإن أخرج المالك ربع عشر المجموع مع تساوي قدر الغشّ في الكلّ ، أو أخرج من الخالصة أو المغشوشة ما يحصل معه اليقين بالبراءة ، فهو ، وإن ماكس وجب عليه تصفيتها وسبكها.
لا لما قيل من وجوب تحصيل البراءة اليقينيّة ، وهو موقوف بالسبك (١) ؛ لأنّ الواجب منه تحصيل البراءة اليقينيّة عمّا قد علم الشغل به يقينا ، ولم يعلم الشغل بالأزيد من فريضة القدر المتيقّن وجوده من الخالص ، فيعمل في الزائد بأصل البراءة.
وما قيل من عدم جريانه إلاّ فيما لم يثبت فيه تكليف أصلا ، أمّا ما ثبت فيه مجملا فلا بدّ فيه من تحصيل البراءة اليقينيّة ؛ عملا بالاستصحاب (٢).
مردود بمنع عدم الجريان ، كيف؟! مع أنّ الأزيد ممّا لم يثبت فيه تكليف أصلا ، والمجمل الواجب فيه تحصيل البراءة اليقينيّة هو ما لم يكن فيه قدر مشترك.
__________________
(١) كما في الرياض ١ : ٢٧٠.
(٢) كما في الرياض ١ : ٢٧٠.