بالدراهم والمثاقيل لا يمكن إرادة التحقيقيّة ؛ لأنّ الاختلاف بنحو الدرهم والمثقال بديهيّ محسوس ، فقد يزيد درهم وقد ينقص.
نعم ، لو كان الصاع اسما لألف ومائة وسبعين درهما لا للمكيال لتمّ ما ذكره ، ولكنه ليس كذلك ، فالمراد أنّ الصاع بهذا الوزن تقريبا ، كما يتعارف في هذه الأزمنة في مكيال يسمّى في بعض بلادنا بالكيلة .. وكلّ أحد يقول : إنّه منّ تبريزي ، والمنّ ستمائة مثقال وأربعون ؛ مع أنّهم يكيلون به وقد يزيد بمثاقيل وقد ينقص ، ولو باع أحد مائة كيلة حنطة وكالها للمشتري فوزنها وكان تسعة وتسعين منّا ، لا يحكم بالتسلّط على مطالبته من آخر.
وعلى هذا ، فنقول : لو صنع صاع يسع ألفا ومائة وسبعين درهما عرفا ، وكيل وبلغ النصاب بهذا المقدار بالكيل ، يصدق بلوغ ثلاثمائة صاع ، فلم لا تجب فيه الزكاة؟! مع التصريح بالوجوب في النصوص ، سواء بلغ بالوزن التحقيقيّ ذلك أو لم يبلغ ، أو جهل الحال ؛ إذ المراد بالوزن : التقريبي ، وقد بلغ.
ولو بلغ الوزن بالوزن التحقيقي ولم يعلم بلوغ الكيل ، أو كيل وعلم عدم البلوغ ، فمقتضى القاعدة عدم الوجوب ، كما صرّح به في صحيحة زرارة وابن بكير المتقدّمة (١). إلاّ أنّ الظاهر الإجماع على اعتبار الوزن أيضا ؛ ويدلّ عليه : أنّ الظاهر أنّ كلّ من [ علّق ] (٢) حكما على مكيال له وزن تقريبيّ يعتبر ذلك الوزن تحقيقا أيضا ، فالحقّ اعتبار كلّ من الكيل والوزن وحده أيضا.
وممّا ذكرنا ظهر ما في كلام المدارك ، حيث قال ـ بعد نقل ما سبق عن المنتهى ـ : ومرجعه إلى اعتبار الوزن خاصّة ، وهو كذلك ؛ إذ التقدير
__________________
(١) في ص : ١٦٢.
(٢) في النسخ : تعلّق ، والصحيح ما أثبتناه.