وأمّا ما بعده ، فمقتضى الشركة وقياسه على سائر الأموال أن يكون الفقير شريكا في التلف والخسارة المتلفة ، دون مئونة الحصاد والحمّال ونحوهما ممّا يكون الكلام فيه ؛ إذ لم يقل أحد بأنّ لأحد الشريكين توزيع هذه الإخراجات على الشريك الآخر لو فعله بدون إذنه ، وليس مقتضى قاعدة الشركة الشركة في أمثال تلك المؤن ولو تحمّلها أحد الشريكين بدون إذن الآخر ، وهذا فعله بدون إذن الفقير ، فأيّ تسلّط له على حصّته؟! غاية الأمر أنّه لو أذن الفقير في التصرّف قبل ذلك كان ذلك له ، مع أنّ فيه أيضا كلاما ؛ لأنّا نقول : إنّ أوامر إخراج الزكاة إيجاب من الشارع للمالك إعطاء العشر للفقير ، ولتوقّفه على الحصاد ونحوه يجب عليه من باب المقدّمة ، إلاّ أن يبذله للفقير قبل الحصاد ، فإنّه لا كلام حينئذ ، ولا تكون المئونة على ربّ المال إذا رضي الفقير ، وأمّا لو لم يرض فليس للمالك إجباره ؛ لأنّه ليس حقّا لفقير معيّن.
وأمّا الخامس ، فظاهر ؛ لأنّ تمام الزرع نماء ليس غيره ، وصرف شيء في تنميته وتصفيته وتحصيله لا يخرجه عن كونه نماء.
نعم ، لو دلّ دليل على أنّ الزكاة إنّما هي في المنافع لكان لما ذكره وجه ، ولكن لم نعثر على مثل ذلك.
وأمّا ما ذكره من حسنة محمّد وأبي بصير (١) ، فالموجود في أكثر النسخ المصحّحة : « فما حرثته فيها » وليس : « فتاجرته فيها » ، مع أنّه ليس في المتاجرة أيضا دلالة.
وأمّا قوله : « فما أخرج الله » فلا شكّ أنّ جميع محصول الزرع ممّا أخرجه الله ، وأمّا حمله على ما جعله الله نفعا لك زائدا على رأس مالك فممّا لا يفهمه منه أحد.
__________________
(١) راجع ص : ١٨٨.