يتركها حتى تحيض ثلاث حيض متى ما حاضتها ، فقد انقضت عدتها ، قلت : فان مضت سنة ولم تحض فيها ثلاث حيض ، قال : تتربص بها بعد السنة ثلاثة أشهر ثم انقضت عدتها ، قلت : فان ماتت أو مات زوجها ، قال : فأيهما مات ورثه صاحبه ما بينه وبين خمسة عشر شهرا (١).
قال المصنف في الشرائع : ونزلها الشيخ على احتباس الدم الثالث ، وهو تحكم (٢).
واعترضه فخر المحققين بأن الرواية مطلقة ، ليس فيها ما ينافيه ، والأدلة غيرها ينفي ما عدا هذا التأويل فينزل عليه ، ولان التحكم القول من غير دليل ، وإبطال دلالة أمر معين ، وعدم الوقوف على غيره لا يوجب الحكم بالبطلان ، فان عدم وجدان واحد لا يدل على العدم هذا آخر كلامه.
وحاصله : أن نسبة التحكم الى الشيخ غير متوجه ، لأن الرواية مطلقة ، وحملها على هذا التأويل لا ينافيها ، وغير هذه الرواية من الأدلة ينفي غير هذا التأويل ، وجاز أن يكون الشيخ قد ظفر بدليل يوجب هذا الحمل ، وعدم ظفر واحد من الفقهاء بهذا الدليل لا يوجب عدم الدليل ، لجواز ظفر غيره به ، وإبطال دلالة أمر معين كإبطال دلالة هذه الرواية على هذا الحمل ، وعدم الوقوف على دليل يوجب هذا الحمل لا يوجب الحكم ببطلانه ، لان عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود.
قلت : وللمصنف أن يقول : لما كانت الرواية لا دلالة فيها على ذلك ، ولم يظهر حكمه يوجب تغير الحكم بالفرق بين احتباس الدم الثاني أو الثالث كان على من أثبت الفرق الدلالة أولا وبيانها ثانيا لينظر فيها هل تصلح للدلالة أو لا ،
__________________
(١) تهذيب الأحكام ٨ ـ ١١٩ ، ح ٩.
(٢) شرائع الإسلام ٣ ـ ٣٦.