ثبت منهما أنّ أمر المرأة ليس بيدها ، فشرط كونه بيدها ، وثبت أن الطلاق بيد الزوج ، فيشترط أن لا يكون بيده ، وثبت أنّ الناس مسلطون على أموالهم ، فيشترط أن لا يكون مسلطا على أمواله أو على مال معيّن ، وثبت أنّ الخمر حرام ، فيشترط أن يكون حلالا ، إلى غير ذلك ، وأمّا اشتراط أن لا يتصرّف المشتري في المبيع مدّة معلومة ، فهو ليس مخالفا للكتاب أو السنة ، إذ لم يثبت منهما تصرّفه ، بل إنّما ثبت جواز تصرّفه ، والمخالف له عدم جواز تصرّفه ، فلو شرطه كان باطلا.
فإن قلت : شرط عدم تصرّفه يستلزم عدم جواز تصرّفه ، فيخالف السنة ـ أيضا.
قلت : لا نسلّم أنّ الشرط يستلزم عدم جوازه. نعم ، إيجاب الشارع للعمل بالشرط يستلزم عدم جواز التصرف ، وليس المستثنى شرطا خالف إيجابه أو وجوبه الكتاب أو السنة ، انتهى خلاصة ما أوردناه.
وحاصله : أنّ المراد من الاستثناء بطلان شرط كان متعلّقه حكما طلبيا أو وضعيا خالف ما ثبت قبله من الكتاب والسنة ، لا نفس الفعل ، وإن صار بعد إنفاذ الشرط مخالفا لحكمه السابق ، وبه فسّر الشرط الآتي ـ أيضا ـ أي ، ما حلّل حراما أو حرّم حلالا ، كما سنشير إليه ، وهذا التفسير وإن كان أقرب بالاعتبار ، وأوفق بأكثر الأخبار من غيره ، إلّا أنّه غير مسلم عن بعض المناقضة أيضا ، لانتقاضه طردا بمثل شرط سقوط خيار المجلس أو الحيوان ، وثبوت الخيار مدّة معلومة ، المجمع على صحّته ، ونحو ذلك ، مما ليس بفعل العبد ، وعكسا بشرط فعل ثبت حرمته بالكتاب أو السنة ، أو ترك ما ثبت وجوبه ، كشرط شرب الخمر ، واسترقاق الحرّ ، وترك فريضة ، وأمثالها ، وبشرط فعل مباح أو ترك مباح كان لزومه ولو بالشرط مخالفا للسنة ، كشرط عدم التزويج والتسري ، فإنّه غير جائز على ما تكرّر عليه نقل الإجماع.