والتحقيق فيه : أنّ الجهل ـ حينئذ ـ إن كان مؤدّيا إلى العوض أو الغرر ، فحكمه ما مضى من البطلان ، وإلّا فالمشروط : إمّا نفس الفعل الملتزم به ، كإعطاء دينار أو إسكان دار ونحوهما ، فالمتّجه فيه الصحّة ، لعموم الأدلّة ، وعدم احتمال مانع سوى لزوم تعين متعلق الشرط على ما سيجيء ، وهو مدفوع بتعيّنه على الوجه الكلّي ، وهو ما صدق عليه فعل الشارط على حسب ما تعلّق به لفظ الشرط ، ولزوم تعيينه بالفرد عند الوفاء به من باب المقدمة ، وهو موكول بحسب دلالة اللفظ إلى خيرة الفاعل.
وبالجملة متعلّق الشرط ـ حينئذ ـ غير متعلق الفعل ، والأوّل متعين ، والثاني غير لازم التعيّن في الشرط ، والفرق بينهما ظاهر ، ولذا لا يصحّ الرهن بما يعادل من ماله الدين من غير تعيين ، ويصحّ ذلك في الشرط ، كأن يقول : بعتك هذا بعشرة دنانير ، وشرطت عليك أن تجعل لى مرهونا يعادلها من مالك.
أو يكون متعلّق الشرط غير فعل الشارط ، وهو : إمّا كلّي تساوت أفراده ، كأن يشترط له دينارا عراقيا أو رطلا من الحنطة ، فالوجه فيه الصحة ـ أيضا ـ لتعيين الحقّ الذي تعلّق به الشرط ، وهو الكلّي بما هو كلّي ، وعرفت أنّ لزوم التعيين بالفرد عند الوفاء به إنّما هو من باب المقدمة ، وحيث لا اختلاف في خصوصيات الأفراد المختلف به الأغراض ، لا يضرّ عدم تعيّنه في الشرط ، بل على الشارط الواجب عليه الوفاء تعيينه بواحد منها ، كما لا يضرّ عدم تعيينه في العقد إذا كان أحد العوضين ، كبيع رطل من الحنطة بهذا ، أو بيع هذا بدينار.
أو هو كلّيّ مختلف الأفراد ، كأن يشترط له فرسا ، فلا يبعد فيه البطلان ، فمتعلّق غرض المتعاقدين في مثل ذلك إلى الخصوصية ـ أيضا ـ عادة ، وهي غير متعينة ، وليس في لفظ الشرط ما دلّ على كونه بتعيين الشارط ، فيستحيل تعلّق الحقّ بها.
نعم ، لو فرض كون المقصود مجرّد الماهيّة بأي فرد تحققت ولو على تفاوت مراتبها ،