وجوه بل أقوال ، أوجهها الأوّل ؛ للاستصحاب وعدم الدليل المخرج ، والأخبار الآمرة بالتصدّق به غير منافية له ، كما لا ينافيه في اللقطة مع بقاءها على ملك مالكها على المعروف بينهم ، بل في رواية عليّ بن حمزة (١) الآمرة بالتصدّق للمالك إشعار ببقائه على ملكه كأكثر كلمات القوم ، ودلالة ظاهرة على عدم كونه للإمام عليهالسلام.
والقول بأنّ الأمر بالتصدق لا يلزمه ، لاحتمال كونه من باب التصرف بالمالكية ، لأنّ له أن يضع ملكه حيث يشاء ـ مع ما فيه من أن الاحتمال لا يرفع حكم الاستصحاب ـ مخدوش بأنّ الأصل في الأوامر وتصرّفات النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم والحجج في الخطابات الشرعية ، سيما في أمثال أجوبة المستفتين كونها على سبيل التبليغ والفتوى ، دون الإمامة والرئاسة أو القضاء والحكومة ، كما صرح به الشهيد في قواعده (٢) ، لأنّه الأغلب في الخطابات ، وقلّ ما يتّفق خلافه فيها ، وهو المعهود من طريقة السلف من أصحابهم وتابعيهم ومن لحقهم من العلماء في فهم مرادهم وبناء عملهم عليه فالأغلبية ـ خصوصا بملاحظة طريقة الحاضرين وسيرة العلماء ـ قرينة ظاهرة على إرادة التبليغ ، فحيث لا قرينة بالخصوص يحمل الخطاب عليه. وكون القرينة ظنّية لا ضير فيه ، لصدق كونه ظنا مستفادا من كلام المعصوم عليهالسلام ، وصلاحية الغلبة المذكورة لاستناده إليها في تفهيم مراده ، وهو حجّة. بل لا يبعد القول بأنّ إرادة خلافه مع ظهوره في الفتوى إغراء قبيح.
__________________
(١) الظاهر أنّه رواية عليّ بن أبي حمزة الذي استأذن من أبي عبد الله عليهالسلام لصديق له من كتّاب بني أميّة ؛ راجع الوسائل ١٧ : ١٩٩ ، الباب ٤٧ من أبواب ما يكتسب به ، الرواية ٢٢٣٤٣.
(٢) القواعد والفوائد ١ : ٢١٥.