والقرائن الدالّة على تلك الآثار ، بل يجب قصد مفهوم العقد المعهود ماهيّته. وحيث إنّ الدال على تلك الماهيّة هو اللفظ المخصوص الذي يسمّى به فينعقد به. ويظهر منه اختصاص انعقاده به ، دون مطلق ما دلّ على ما يفيد أثره وأحكامه ، من التجارات الغير المتداولة فيه ولو مع القرائن المنضمّة ، وسيجيء تفصيله إن شاء الله تعالى.
ثم العقد إن علم صحّته شرعا فهو ، وإن شك فيها سواء لم يعلم كونه مما تداول بين الناس ، أو علم ولم يعلم كونه من الموظّفة الشرعية ، أو علم ولم يعلم اشتراطه بما وقع فيه الشك ، فمقتضى الأصل الأوّلي فساده بمعنى عدم ترتّب الأثر المقصود منه شرعا ، لأنّ الصحّة من الأمور الشرعية المتوقفة على التوظيف الذي هو أمر حادث ، ينفيه الأصل إلى أن يثبت بدليل.
وما أفاده بعض المحققين من تصحيح المعاملة بأصل البراءة ، باعتبار اقتضاء إباحة ما تعاقد عليه المتعاملان وإن لم يفد اللزوم ، من الغرائب ، فإنّ الإباحة الشرعية هنا فرع ترتّب الأثر شرعا المتوقف على الجعل الشرعي المسبوق بالعدم ، ولو هو إمضاء الشارع ما تداول عليه عادة الناس في ترتّب الأثر عليه ، والاستصحاب يقتضي عدمه ، ولا يعارضه أصل البراءة ، لأنّ متعلّقه نفي السبب ومتعلّقها ثبوت السبب ، والأوّل مزيل للثاني ومقدّم عليه ، بل لا تعارض بينهما حقيقة كما حقّقناه في الأصول ويأتي الإشارة إليه هنا في بعض الفوائد ، وعليه عمل الفقهاء وسيرتهم في الفقه حتى الفاضل القائل وإن خالفه قولا في أصوله.
ونظيره في الشك الموضوعي ما إذا شكّ في إذن المالك ، فلا يجوز حينئذ تناول مال الغير بأصل الإباحة ، أو شكّ في التطهير أو التذكية فلا يتناوله بأصل الطهارة أو البراءة.
ولا يتوهّم أنّ الإباحة الشرعية في كلّ مورد يتمسّك بها بالأصل حكم شرعي