كلّ منهما ، فاعلم أنّه لا خلاف في توقّف العدالة على اجتناب الكبائر.
واختلفوا في توقّف اجتناب غيرها أيضا وترك الجميع. اختاره المفيد (١) والحلّي (٢) والحلبي (٣) والقاضي (٤) والشيخ في العدّة (٥) والطبرسي (٦) في المحكيّ عنهم ، بل عن ظاهر الثاني والأخيرين كونه مجمعا عليه بين الطائفة.
وذهب جمهور المتأخّرين ، بل عامّتهم وأكثر المتقدّمين ـ بل قيل عليه اتفاق كلّ من قسّم الذنوب إلى قسمين ـ إلى عدم قدح فعل الصغيرة فيها إلّا مع الإصرار الموجب لصيرورتها كبيرة ، وهو الحقّ ، لدلالة صحيح ابن أبي يعفور الآتي عليه في قوله : « ويعرف باجتناب الكبائر التي أوعد الله سبحانه عليها النار » (٧) الظاهر في عدم توقفها على غيرها ، باعتبار كونه في مقام التحديد والتعريف ، بل لو لا الاختصاص كان التخصيص به إغراء قبيحا ، مع أنّ مقتضى الأصل عدم تقييده بوصف غيره.
فإن قلت : قوله عليهالسلام في جواب السائل : بم يعرف عدالة الرجل؟ « أن تعرفوه بالستر والعفاف وكفّ البطن والفرج واليد واللسان » يعمّ جميع الذنوب ، وحصول القدح في العدالة ، سيما الصادرة عن الجوارح الأربعة ، وإن كانت صغائر ، ونحوه قوله عليهالسلام بعده ، والدلالة على ذلك كلّه أن يكون ساترا لجميع عيوبه الشامل للصغير.
قلت : كلامه عليهالسلام مقتض للمتعلّق ، ضرورة أن ليس المراد ما صدق عليه الستر
__________________
(١) مختلف الشيعة ٨ : ٤٩٨.
(٢) السرائر ٢ : ١١٨.
(٣) الكافي في الفقه : ٤٣٥.
(٤) المهذب البارع ٢ : ٥٥٦.
(٥) عدّة الأصول : ٣٧٩.
(٦) مجمع البيان ٣ : ٣١.
(٧) وسائل الشيعة ٢٧ : ٣٩١ ، الباب ٤١ من أبواب الشهادات ، الرواية ٣٤٠٣٢.