الأصحاب ، فهو المعوّل عليه ، والمناط في معرفة العدالة ودليلها.
وربما يظهر منهم الاختلاف في فهم الضابط المستفاد منه. والذي أراه على ما هو ظاهر سياق الحديث وذيله ، أنّه لمّا سأله الراوي عن طريق معرفة عدالة الرجل التي هي هيئة راسخة نفسانية غير محسوسة ، وأجاب عليهالسلام : بمعرفته بالستر والعفاف ، وكفّ الجوارح الأربع ، واجتناب الكبائر ، تعويلا على لازمها في الأعمال الحسنة ، ثم هي ـ أيضا ـ لما كانت أمورا واقعية نفس أمرية يصعب العلم بها ، وإن كان طريق دركها الحسّ ، فأخذ في بيان الاكتفاء في معرفة هذا اللازم بظاهر الحال ، وعدم لزوم البحث عن العلم بها بقوله عليهالسلام : « والدلالة على ذلك كله : أن يكون ساترا لجميع عيوبه ، على حدّ يحرم التفتيش لما ورائه على المسلمين ، وكونه بحيث إذا سئل عنه في قبيلته ومحلته ، قالوا : ما رأينا فيه إلّا خيرا ، فلم يطّلعوا على ظاهر معاشرتهم له على فسق منه » مضافا إلى تعاهده ومواظبته للصلوات وحفظ مواقيتها ، تعليلا له بأنّها ستر وكفارة للذنوب.
وجعل السبيل إلى معرفة التعاهد لها كذلك الحضور إلى جماعة المسلمين ، وعدم التخلّف عنها إلّا من علّة ، مشيرا إلى وجهه ، بأنّ تشريع الجماعة والاجتماع للصلاة لمعرفة من يصلّي ممّن لا يصلّي ، ومن يحفظ مواقيتها ممّن يضيع.
فحاصل مدلول الصحيح في دليل عدالة مجهول الحال بحسب الواقع اجتماع أمور ثلاثة :
أحدها : الساترية للعيوب على حدّ يحرم التفتيش لما ورائه.
وثانيها : كونه بحيث إذا سئل عن قبيلته ومحلّته ، قالوا : ما رأينا منه إلّا خيرا ، أي كان معروفا بالصلاح والتقوى في المعاشرة الظاهرية.
وثالثها : التعاهد للصلوات الخمس والمواظبة عليها.