فيجب العلم بتلك الثلاثة في معرفة العدالة. وأمّا عدم التخلّف عن الجماعة ، فالظاهر من سياق الخبر الموافق لظاهر الإجماع : أنّ لزومه إنّما هو عند توقّف العلم بالمواظبة على الصلاة وحفظ المواقيت عليه ، لا لدرك فضيلة الجماعة من حيث هي ، فلو علم بها من حال شخص لا من جهته ، يكتفى به. نعم ، لو ترك الجماعة على حدّ ينبئ عن الإعراض والاستخفاف ، فهو كما أشرنا إليه فيما تقدّم معصية موبقة.
وهل يشترط الساترية لجميع العيوب أو الكبائر؟ الظاهر الأوّل ، وفاقا لصريح والدي العلّامة في المستند (١). والمراد بها عدم رضاه بظهور معصية منه ، واتصافه بصفة الحياء ، وهو أمر غير ترك المعصية في الواقع ، فلا يوجب نقض الصغيرة إيّاها.
وربما يظهر من الرياض (٢) عدم التنافي بين القول باشتراط المعرفة بالمعاشرة الباطنية ، والقول بالإناطة بحسن الظاهر ، لعدم حصول المعرفة بكونه ساترا مواظبا إلّا بعد نوع معاشرة واختبار يطلع على باطن الأحوال ، وهو كذلك إن أراد الغالب ، وإلّا فهو غير مطرد ، ويمكن التخلّف.
فالظاهر ـ حيث لا ينكشف الواقع ـ حصول الظنّ بالهيئة النفسانية الباعثة على استمرار التقوى بحسن الظاهر بالمعنى المتقدّم.
ثمّ إنّ البحث عن خصوص المعاصي القادحة في العدالة لما كان خارجا عن مقصودنا من الكتاب ، فلنطوه طيّا. نعم ، لما كان الغناء كثيرا ما مما يشتبه حقيقة الأمر فيه حدّا وحكما ، وزلّت فيه أقدام أقوام ، ولم أر من الأعلام من استوفي فيه المرام ، رأيت البحث عنه في مشرق ، لكشف الحجاب عن مشكلاته ، مع ما له من عموم البلوى أهمّ وأحرى.
__________________
(١) مستند الشيعة ٢ : ٦٢٨.
(٢) رياض المسائل ٢ : ٣٩٢.