وأنت خبير بأن لا عموم للنهي عن الغرر ، بحيث يشمل المورد ، بل هو مختصّ بالبيع ، ونحوه الإجارة الملحقة به ، لظاهر الإجماع. مع أنّ الصحيح المتقدّم ونحوه ، يختصّ بصورة الجهل والغرر ، فيخصّص به عموم النهي لو كان. ومساس الحاجة الشامل له الصحيح بإطلاقه ، لا يمنع عن صدق الغرر.
ثم على تسليم التعارض ، فالترجيح لأدلة الصلح ، لاعتضادها بالإجماع المحكيّ في التذكرة (١) وإطلاق الأكثر.
ثم إنّ الجهل المغتفر في الصلح ، إنّما هو إذا لم يرجع إلى الواقع ، وأمّا معه وإن خلى عن الغرر ، كصلح أحد العبدين المتشابهين المتحدين في القيمة ، فهو يمنع الصحة ، لمنافاته الإنشاء التنجيزي الذي هو شرط العقود مطلقا حسب ما تقدّم في الشرط.
ومنها : أنّه يصحّ الصلح عن الحقّ إسقاطا ، كصلح حقّ الدعوى للمدّعى عليه ، وحقوق الخيار لمن عليه الخيار ، ونقلا كصلح حق التحجير ، إلّا أنّه يجب الاقتصار فيما يصحّ الصلح عنه مما يطلق عليه الحق بهما دون غيرهما.
بيان ذلك : أنّ ما يطلق عليه الحقّ على أقسام :
منها : الحقّ المالي بلا واسطة ، كحق الملك لعين أو منفعة أو دين ، أو بواسطة ، كحقّ الخيار وحقّ الشفعة وحقّ التحجير وحقّ الدعوى وأمثالها ، فإنّ متعلّق الحقّ فيها ليس نفس المال ابتداء ، بل هو التسلط على ما يوجب حصوله.
ومنها : حقّ الانتفاع لغير المال بلا واسطة ، كحقّ الزوجية وملك البضع وحقّ الجلوس للسابق في المسجد ونحوها ، أو بواسطة ، كحقّ الرجوع في الطلاق الذي هو التسلط على ما يوجب الانتفاع.
__________________
(١) تذكرة الفقهاء ٣ : ١٧٨.