إلّا ان يقال : مقتضى حديث نفي الضرر نفيه من حيث هو في الإسلام ، من غير ملاحظة خصوص من يتضرّر به ، فإنّ الأقلّ بهذا الاعتبار داخل في الأكثر ، وإن تباين المتعلّقات ، وهو مشكل.
وإن كان باعتبار ضرر خارجي ، دار الحكم بإلزامه بين شخصين ، فهو على وجهين :
أحدهما : أن يكون الضرر المفروض واقعا على إنسان ، وأمكنه دفعه عن نفسه بإضرار غيره.
وثانيهما : أن يكون متوجّها إلى أحدهما لا بعينه ، فدفع عن نفسه ما يوجبه ، فتوجّه إلى الآخر.
أمّا في الأوّل : فالظاهر أنّه لا يجوز له إضرار الغير ، بل عليه تحمل الضرر ، لأنّ تجويزه حكم ضرريّ ، فينفيه القاعدة. وأمّا
ضرر نفسه الواقع عليها ليس من حكم الشرع ، بل حكمه ترك ضرر الغير ، واستلزامه بقاء الضرر ليس بسبب حادث ، ولا هو ضرر متجدّد ، ولا مدخل للشرع فيه. غاية الأمر عدم حكمه بما يدفعه ، وعلمت أنّه ليس بواجب. ومن ذلك ما في المشهور ، من عدم جواز إسناد الحائط المخوف وقوعه على جذع الجار ، خلافا للشيخ. وحمل على ما إذا خاف من وقوعه تلف نفس محترمة ، لوجوب حفظها. غاية الأمر لزوم أجرة المثل ، للاستناد كأخذ الطعام لسد الرمق.
وأما في الثاني : فالظاهر جوازه ، ولا ضمان عليه ، لأن منعه الضرر عن نفسه ليس شيئا محدثا لضرر الآخر ، بل هو مستند إلى علّته الخارجة التي لا دخل له فيها ، وإنّما فعله منع ما يحدث الضرر عن نفسه ، كما إذا سدّ طريق السيل عن داره ، فمال إلى دار جاره.