المستحدث عدوانا في أرض الغير ، فإن هيئة البناء مال الثاني ، وإن كان صاحب الأرض مسلّطا على تخريبه وإعدامها ، غير أنّه فيما نحن فيه إحداث الهيئة بإذن الشرع ، ويكون كغرس المستأجر في العين المستأجرة المالك لمنفعتها عند انقضاء مدة الإجارة ، فهو من باب تداخل شيئين يكون تخليص أحدهما من الآخر من غير بذل الأرش موجبا للضرر ، فيتعارض الضرران ، فلا بدّ من الحكم ببذل صاحب الغرس أجرة المغرس لصاحب الأرض وإبقائه لهيئة المنصوبة ، أو بذل صاحب الأرض أرش القيمة وقلع الغرس ، إلّا أنّ إلزام الثاني بالأرش ضرر عليه ، لا نفع له في مقابله ، لاستحقاقه الأرض الفارغة كما كانت قبل البيع ، ولا هكذا الأوّل ، لأنّ الأجرة عوض المنفعة التي يستوفيها بإبقاء ملكه ، أعني الهيئة المنصوبة ، لما عرفت أنها لا يستلزم استحقاق البناء ، وعدم التنافي بينهما ، فلازم ذلك تخيير صاحب الأرض في القلع مع تحمل ضرر الأرش ، وأخذ الأجرة وإبقاء الغرس.
والتخيير بين الحكم الضرري وغيره ليس ضررا منفيا ، لأنّه منوط باختياره وإقدامه.
وهل على صاحب الغرس قبول الأرش إن بذله صاحب الأرض؟
الظاهر : نعم ، لحصول جبر ضرره ـ حينئذ ـ بالأرش ، ورجوع منفعة البقاء إلى المالك بالفسخ ، فلا خيرة له في الإبقاء.
وإن كان التغيّر بالامتزاج ، فإن كان بغير الجنس مع الاستهلاك في مال الغابن ، كامتزاج ماء الورد بالسمن ، فالظاهر : أن حكمه حكم التلف ، ومع عدم الاستهلاك ، فلا يبعد كونه كذلك أيضا ، كما قال والدي العلّامة (١) ، لأنّه طبيعة ثانية ، ويحتمل الشركة بنسبته القيمة على إشكال.
__________________
(١) مستند الشيعة ٢ : ٣٨٥.