الواقع بالنسبة إلى سائر الأجزاء والشروط ، فإذا شكّ في القصر أو الإتمام على رأس أربعة فراسخ لم يعلم شرعية أحدهما بالخصوص وتعلّق الأمر به بحسب الواقع ، فكيف يتصوّر قصد التقرب به بحسب الأمر الواقعي.
وحيث لا ينطبق العمل الاحتياطي على ما هو عليه في الواقع ، يحتاج الحكم بصحّة الاحتياط وشرعيته إلى إقامة الدليل عليه.
فنقول : لا خلاف ولا كلام في صحّته بهذا المعنى وشرعيته بعد الفحص عن الواقع ، ولعلّه إلى هذا تنظر المحكيّ عن المشهور بين أصحابنا من أنّ عبادة تارك طريقي الاجتهاد والتقليد غير صحيحة ، وإن علم إجمالا مطابقتها للواقع ، للإجماع على صحته بعد الاجتهاد الكاشف عن الواقع بالدليل الظنّي المعتبر ، كالخبر الصحيح ، وإن كان في إطلاق هذا قبل الفحص ، أيضا نظر سترى وجهه ، وكيف كان ، فالتحقيق : أنّ ما يحتاط فيه ، إمّا يفتقر صحّته وخروج العهدة عنه إلى نية القربة ، كالعبادات البدنية ، أو لا ، كالواجبات المالية ، مثل المنذور والمحلوف عليه والزكاة والخمس ، بالنسبة إلى اشتغال الذمّة بحق الغير ، بحيث يحصل البراءة عنه ولو بالإجبار عليها ، وكالواجبات التوصّلية التعبّدية ، كتطهير النجس.
أمّا الأوّل : فالشكّ إمّا بين الأقلّ والأكثر ، كوجوب السورة في الفريضة ، فإحراز الواقع ـ حينئذ ـ بإتيان الأكثر ، أو بين متنافيين ، كالظهر والجمعة ، والقصر والإتمام ، فهو بتكرير العمل.
أمّا على الأوّل ، فالأصحّ صحّة الاحتياط قبل الفحص بإتيان الأكثر ، بناء على عدم اشتراط نية الوجه ، كما هو الأقوى ، لمطابقة العمل للواقع ـ حينئذ ـ على الاحتمالين ، بمجرّد نية القربة ، فيحصل به الاحتياط المجمع على صحّته ورجحانه ، لعدم توقّفه على شرط آخر.