على كون الأكل مجانا لا يتعقبه الضمان ، وأقامه (١) على إتلاف الطعام على كونه ملكه ، في احضاره عنده. ومثله تغريره في الأمر بذبح الشاة.
وهذه الأحكام اكثرها معقد الإجماع ، بل لم ينقل خلاف فيما عدا الأخير ، وإن تأمّل بعضهم في بعضها. وأثبتوها بوجوه لا يخلو بعضها عن مناقشة.
وتفصيل المقام : أنّ صور تعدّد الأيدي ورجوع المالك على بعضها عند التلف ، على وجوه ثمانية ، لأنّه إما يرجع المالك على الثاني الذي تلفت العين عنده ، أو على الأوّل. وعلى التقديرين : إمّا يكونان عالمين ، أو جاهلين ، أو الثاني عالما والأوّل جاهلا ، أو بالعكس. فظاهرهم الاتفاق على استقرار الضمان على من تلفت عنده ، إلّا إذا كان جاهلا ، فيرجع ـ لو رجع المالك عليه ـ على من غرّه عالما ، إلّا إذا كان هذا الجاهل متلفا للعين من غير تغرير.
وتحقيق الحال في تلك الصورة على ما يقتضيه الأدلّة : أنّ المالك ، إن رجع على الثاني ، وهما عالمان ، لم يرجع الثاني على الأوّل إجماعا ، لاشتراكهما في إثبات اليد والعلم بالغصب ، فلا يغرم ما غرم للمالك ، مع حصول التلف عنده.
وكذا لو كان الأوّل جاهلا وهو عالم بطريق أولى. وكذا مع جهلهما ، لتساويهما في الجهة المقتضية لتخير المالك في الرجوع على ما شاء منهما ، واختصاص الثاني بحصول التلف في يده ، الموجب الانتقال العين إلى البدل في ذمّته قطعا ، وعدم استحقاق المالك إلّا بدلا واحدا استوفاه.
وجواز رجوع الثاني إلى الأوّل ـ حينئذ ـ غير معلوم ، ومقتضى الأصل براءته.
وإن كان الأوّل عالما والثاني الغارم جاهلا ، فإن كان التلف سماويا ويده أمانة ، كالوديعة والوكالة ، دون يد ضمان ، الموجبة للرجوع مطلقا ، كالعارية المضمونة ،
__________________
(١) كذا.