يرجع فيما غرم على العالم ، لتغريره وسببيته عدوانا لضمانه ، إلّا إذا كان الجاهل متلفا غير مغرور ، فلا يرجع بلا خلاف يعرف.
وإن اغترّ في إتلافه ، كما إذا قدمه ضيافة ، فأكله ، فيرجع أيضا على الغارّ ، على الأشهر الأظهر.
ووجه الفرق بينهما : أنّ إتلافه على الأوّل ، كان على كون العين لنفسه وضرره عليه ، فالمباشر هنا أقوى ، وإن كان جاهلا من اليد العادية ، وعلى الثاني : فإقدامه على الإتلاف لتغرير الغاصب إيّاه على كونه مجانا لا يلحقه به ضرر ، كما في إطعام الضيف المغرور بأنّ أكله غير موجب لضرره ، فالعهدة على العالم الغارّ.
وإن رجع المالك على الأوّل : فإن كانا جاهلين ، فالظاهر : جواز رجوعه على الثاني الذي تلفت عنده. وقرار الضمان عليه ، وإن كان التلف سماويا ، واليد أمانية.
لا لما قيل من اشتغال ذمّته. بعد تلف العين عنده بالبدل ، بحكم ضمان إثبات اليد. وجواز أخذه المالك من الأوّل باعتبار إثبات يده ، مجرّد خطاب شرعي ، لا ذمّي ، إذ لا دليل على شغل ذمم متعدّدة بمال واحد ، فحينئذ يرجع المالك على الأوّل بما اشتغلت ذمة الثاني ، فيملك بأدائه ما للمالك على الثاني بالمعاوضة القهرية الشرعية ، لإمكان المناقشة فيه بأنّ ما في الذمّة عند التلف بدل العين ، ولا ينافي وحدته اشتغال ذمّتهما به على البدلية. وتخير المالك في استيفائه عمّن شاء منهما ، فإذا أداه أحدهما يسقط عن الآخر. وقرار الضمان على الثاني ، مع تساويهما في الجهل وإثبات اليد المضمون به وحصول التلف لا عن اختيار ، يحتاج إلى الدليل.
بل لاستصحاب الاشتغال في الثاني المعلوم ـ أوّلا ـ ولو في الجملة ، إلى اليقين بالفراغ عنه ، الحاصل بأدائه البدل إلى المالك ، أو إلى من أدّي إليه ، بخلاف الأوّل ، لعدم العلم باشتغاله أوّلا ، واحتمال كون ما أداه إلى المالك من باب الخطاب الشرعي لا الذمّي.