كاف في صحّة الاستنابة. وإنما الثمرة في استحقاق الجعل المسمّى ، نحو ما قالوه في القراض الباطل الذي حكموا فيه بأجرة المثل.
ومن أنّ الإذن حصل في ضمن الوكالة ، وبانتفاء الفصل ينتفي الجنس.
وأورد عليه : بأنّه يفهم من ذلك عرفا بقاء الأذن ، وإن بطلت الوكالة الشرعية ، ولم يترتّب عليه آثارها المختصّة بها.
والحاصل : أنّ خصوصية العقد الوكالي هنا من العوارض الزائدة للإذن ، لا مقوماته الوجودية ، فلا ينتفي بانتفائها.
قال المحقّق القمّي (١) بما خلاصته : قول القائل : أنت وكيلي ، أو مأذون عني غدا في بيع داري ، يدلّ على إذنه ورضاه بالبيع غدا قطعا ، وله جهات : جهة التوكيل الشرعي المحتاج إلى الإنشاء ، وجهة غير التوكيل. والجهتان تعليليتان ، لا يستلزم بطلان إحداهما انتفاء الأخرى.
واستجوده والدي العلّامة ، إلّا أنّه منع صحة النيابة شرعا ، إلّا بالتوكيل ، اقتصارا فيما خالف الأصل على المتيقّن ، وهو الإذن التوكيلي ، دون مطلقه ، وهو المعتمد ، لأنّ صحّة العمل نيابة ، وترتّب الأثر عليه للمنوب عنه شرعا ، كوقوعه من نفسه ، يحتاج إلى توظيفه من الشرع ، والثابت منه حصوله بمطلق الإذن قولا أو فعلا ، وهو معنى التوكيل ، كما نبّه عليه شيخنا الشهيد ، في المسالك (٢) وغيره ، إلّا أنه مشروط بعدم التعليق ، فإذا اقترن لم يصحّ المأذون فيه ، وإن دلّ على الرضا القلبي ، فإنّ تلك الدلالة لا تؤثر في الصحة إلّا على الاكتفاء بالرضا القلبي ، وهو غير كاف في صحّة الاستنابه.
__________________
(١) جامع الشّتات ٣ : ٥١٩.
(٢) مسالك الأفهام ٥ : ٢٣٩.