ومن هذا يظهر أنّ التفصيل في ذلك بين ما إذا علم من الموكّل انحصار إذنه في كونه على جهة الوكالة ، فيبطل ، وإلّا يصحّ ، لا محصل له.
والحاصل : أنّه لا يتصوّر الصحة مع تسليم بطلان التعليق ، إلّا بجعل الإذن الدال على الرضا قسمين : يسمى أحدهما توكيلا ، والآخر غيره. ثمّ دعوى حصول صحّة المأذون فيه بأيّهما حصل وكلاهما في محلّ المنع جدا.
الثالث : إذا علمت بطلان التوكيل بتعليقه على شرط أو زمان متجدّد ، فلا يختلف الحال في بطلان المعلّق بعدم اتصاله بالمنجز ، أو باتصاله به وانقطاعه عنه مطلقا ، أو تجدّده ثانيا ، فيصحّ الأوّل المنجز ويبطل الثاني ، وإن كان الموكّل فيه متّحدا في الجميع ، كما إذا قال : أنت وكيلي غدا في بيع داري ، أو وكيلي اليوم في بيعها ، وغدا في بيعها ، أو وكيلي في اليوم فيه ، وفيما بعد الغد فيه.
ولو وكّله منجزا لليوم ولما بعد الغد ، فإن رجع إلى تعليق الموكل فيه لما بعد الغد دون نفس الوكالة ، بأن كانت الوكالة ثابتة في الأيام الثلاثة ، ولكن كانت مقيّدة بفعل الموكّل فيه في غير اليوم الثاني ، فلا ضير فيه ، وإن كانت منجّزة للأوّل والثالث ، ومنقطعة عن الثاني ، كما إذا قال : وكّلتك الآن في بيع الدار في اليوم وفيما بعد الغد ، ولست وكيلي غدا ، ففيه إشكال ، من حصول التنجّز للأول والثالث ، غاية الأمر عدم اتصال الوكالة فيهما. ومن أن رجوعهما في الثالث بعد انقطاعهما في الثاني في حكم وكالتين ، إحداهما منجّزة ، والأخرى معلّقة ، وهو الأوجه ، مضافا إلى ما ستعرف من بطلان الوكالة بعد عروض ما يفسدها ، وإن زال المانع بعده ، كجنون أو إغماء ، وأنها لا تعود إلّا بإيجاب متجدد.
الرابع : لو وكّله في بيع شيء معلقا بكونه ملكا له ، فيما فرض عدم علمه بكونه ملكه ، صحّ ، لأنّ التعليق ـ حينئذ ـ تعليق للموكّل فيه بما هو شرط صحّته ، لا