بالدليل ، بل ربما جعله مستفادا من كلام الأصحاب ، بملاحظة ذكرهم الدليل من النصّ وغيره ، فيما لا يصحّ على وجوب المباشرة دون ما صحّت فيه.
واستدلّ على عمومها بعموم قول الصادق عليهالسلام في صحيحة ابن سالم (١) : « من وكّل رجلا على إمضاء أمر من الأمور ، فالوكالة ثابتة أبدا ، حتى يعلمه بالخروج منها ، كما أعلمه بالدخول فيها ».
ولا يخفى : أنّ دعوى إفادة كلامهم أصالة الجواز مجرّد دعوى خال عن التحصيل وتعليل المباشرة بدليل في مقام لا دلالة له عليه ، وكم شاع إقامة الأدلّة على ما يوافق الأصول ، والأخبار المذكورة غير ناهضة للمدّعى ، لظهورها في بيان دوام الوكالة حتى يعلم العزل ، لا تعميم الموكّل فيه ، سيما الصحيح الأوّل الذي لا ذكر لمتعلق الوكالة فيه ، بل هو بالنسبة إليه من قبيل المقتضي ، وكون المقصود ترتّب الجزاء على نفس الوكالة من حيث هي ، من غير نظر إلى متعلقها.
والأخيران وإن تضمّنا لفظ العموم إلّا أنه منصرف إلى بيان ما ذكرناه ، وإلّا لزم تخصيص الأكثر الممنوع في تخصيص العموم.
وبالجملة : فللمنع عن الوكالة فيما لم ينعقد الإجماع عليه ، كما اتفق في أكثر المعاملات ، أو فيه نصّ خاصّ ، كما يمكن الاستدلال عليها في البيع ونحوه بقوله تعالى ( إِلّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ ) (٢) مجال واسع. والأصل يقتضي العدم ، كالظهار واللعان والنذور والأيمان والعبادات المندوبة واستيفاء الحدود في حقوق الله وأمثالها. ومن هذا يظهر وجه صحّة إطلاق كلام جماعة من المنع من الاستنابة
__________________
(١) التهذيب ٦ : ٢١٣.
(٢) النساء (٤) : ٢٩.