في العبادات مطلقا ، وإن كانت مندوبة. وجعله في المسالك (١) أصلا إلّا ما خرج بالدليل.
بل لنا أن نقول : مقتضى الاعتبار عدم قبولها التوكيل ، وعدم قيام فعل الوكيل مقام فعل الموكل ، فإنّ المقصود من العبادة تكميل النفس وتصفية القلب وتذكية الأخلاق وتبديل الأحوال ، والظاهر أنّ عبادة الوكيل غير مؤثرة فيها بالنسبة إلى الموكل ، فما يستفاد من النصوص من صحّة العبادة المندوبة والتلاوة ونحوها بنية الغير ، فهو من باب إهداء الثواب ، لا من باب الوكالة ، ولذا يصحّ ذلك بالنسبة إلى الأموات ، ولا يشترط فيها إذن المهدى إليه ، ولا يسقط خطاب الندب عن المنوب عنه.
والاعتضاد بشرعية العبادة الوكالية بأنّ المعتبر في العبادة ليس إلّا الفعل بقصد القربة ، وجعل الشارع ذلك سببا لترتّب الثواب عليه ، وهو غير مناف للنيابة ، فيندرج في عمومات الوكالة له.
يضعّف ـ مضافا إلى العموم كما مرّ ـ بأنّ المستفاد من الآيات والأخبار : أنّ الحكمة في شرعيتها حصول التقرّب إلى الله تعالى لفاعلها ، وظهور آثار العبودية لعاملها ، وأنّ ذلك من قبل الغير.
وهل يحتمل أحد أن من أحيا ليلة القدر بالعبادة والتضرع والابتهال نيابة عن غيره المشغول بالملاهي والمناهي ولو بإذنه ، أدرك الغير فضل ليلة القدر والفوز بثواب إحياءها وآثاره؟
وهل مواظبة النوافل والعبادات استنابة عن فاسق مجاهر بالملاهي منغمر في دركات الدنيا وحطامها ، يوجب وصوله إلى درجات النعيم التي أعدّت للمتقين ولا
__________________
(١) مسالك الأفهام ٥ : ٢٥٥.