انعقد الإجماع عليه ، واستجوده بعض الأفاضل.
وربما يطعن عليه أنّه مخلط لا يعتمد على تصنيفه ، وربما يدّعي الدعوى ويذكر فيها الإجماع ، ثم ينقضها في مكان آخر قريب منه ويدّعي فيها الإجماع ، وعدّ منه مسائل كذلك ، ونحوه إجماع ابن زهرة ، إذ لا يخفى على الخبير حاله وحال غيره من إجماعاته.
وبالجملة : ترى دعوى الإجماع في مثل تلك المسألة مع اختلاف من ذكرناهم ، على عظم أقدارهم وشهرة آثارهم ممن تقدّم وتأخّر ، من أغرب الدعاوي ، بل كما قيل : كثرة القائلين بالمواسعة أقرب إلى دعوى الإجماع من المضايقة ، إذ أرباب المضايقة المقطوع بفتواهم بها بالنسبة إلى الأولى نذر قليل ، بل لم يعرف عن بعضهم إلّا بالنقل كالقديمين وليس هو كالعيان ، سيما مع ملاحظة السيرة الجارية في الأعصار والأمصار على المواسعة كما مضى.
الثاني : أصالة الاشتغال والاحتياط في البراءة في الفائتة والحاضرة.
والجواب أنّ أصل البراءة وعدم اشتراط العبادة (١) يزيل أصل الاشتغال على ما حرّرناه في الأصول ، مع أنّ أصل الاشتغال غير جار في الفائتة على القول به أيضا.
الثالث : قوله سبحانه ( أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي ) (٢) ، فإنّه ورد في الفائتة ، حكاه في الذكرى (٣) عن أكثر المفسّرين لقول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « من نام عن صلاة أو نسيها يقضها إذا ذكرها ، إنّ الله تعالى قال ( أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي ) » (٤).
__________________
(١) كذا.
(٢) طه (٢٠) : ١٤.
(٣) ذكرى الشيعة ٤ : ٢٠٥.
(٤) مسند أحمد ٣ : ١٠٠ ؛ سنن الدارمي ١ : ٢٨٠ ؛ صحيح مسلم ١ : ٤٧١ ، الحديث ٦٨٠ ؛ سنن ابن ماجة ١ : ٢٢٨ ، الحديث ٦٩٨ ؛ سنن أبي داود ١ : ١١٩ ، الحديث ٤٣٥ ؛ سنن النسائي ١ : ٢٩٤ ؛ السنن الكبرى ٢ : ٢١٨.