والاعتراض بمعارضتها بالمثل مع رواية على بن جعفر لا صلاة في وقت صلاة (١) ، مخدوش بالإجماع على صحة الفائتة قبل الحاضرة نعم ، ربما نسب إلى ظاهر الصدوقين وجوب تقديم الحاضرة ، كما مرّت إليه الإشارة ، إلّا أنّ النسبة غير معلومة ، وحمله بعضهم على الاستحباب.
وكيف كان ، فالخبر لشذوذ القول به شاذّ لا يصلح للاستناد إليه إلّا بحمله على التطوّع ، فيوافق قول من منعه وقت الفريضة ، كما في النبويّ ، إذا دخل وقت مكتوبة فلا صلاة نافلة حتى تبدأ بالمكتوبة.
وثالثا مع الإغماض عن جميع ما ذكر فالتعارض واقع بينها وبين أخبار المواسعة ، وهي راجحة عليها بوجوه كثيرة ، كموافقتها لإطلاق الكتاب في الأمر بها في سعة الوقت الموجب للإجزاء.
والقول بموافقة الثانية ، أيضا ، لقوله تعالى ( أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي ) المفسّر في المعتبرة بما يوافق المضايقة ، مدفوع بما مرّ من عدم دلالة تلك الأخبار المفسّرة عليها ، ومع تسليمها فهذا في الحقيقة موافقة للخبر الظنّي والعرض عليه لا على الكتاب المأمور به لأجل القطع به عند التعارض ، لأنّ أخبار المواسعة كما تعارض أخبار المضايقة ، تعارض الأخبار المفسّرة للآية المقتضية لها أيضا ، وموافقتها للسنّة النبوية القطعية الدالّة على سهولة الملّة وسماحة الدين ، بل يدلّ عليها الكتاب أيضا ، بقوله تعالى ( يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ) (٢) ، ومخالفتها للمحكيّ عن جمهور العامّة ، كما نصّ به غير واحد من أصحابنا ، وموافقتها للسيرة الجارية المستمرّة الشائعة ، وأكثريتها وأصحّيتها سندا وأظهريتها دلالة وأشهريتها مقابلة.
__________________
(١) وسائل الشيعة ٣ : ١٢٤ ، الباب ٣١ من أبواب صلاة الجنازة ، الرواية ٣١٩٤.
(٢) البقرة (٢) : ١٨٥.