ومع الإغماض وتسليم التساوي وعدم المرجّح ، فالعمل إمّا بالتخيير الذي دلّ عليه قولهم : بأيهما أخذت من باب التسليم وسعك. أو بالأصل ، ومقتضاهما المواسعة وعدم وجوب الترتيب. هذا حجّة أصحاب الإطلاق من أهل المضايقة المشتهر بينهم.
وأمّا الأقوال التفصيلية ، فحجّة بعضها غير معلومة ، ونقضها يظهر مما ذكرناه من أخبار المضايقة ، كالتفصيل المحكيّ عن المحقق في الفائتة الواحدة وفي المتعدّدة في فائتة اليوم ونحوها ، وأنت بعد ما سمعت ضعف الكلّ دلالة ومقاومة للأخبار الأوّلة ، تعلم عدم حجّة معتبرة بها ، بل قال بعض الأجلة : إنّ ملاحظة سياق أخبار الترتيب تأبى عن إرادة التفصيل وكون البناء عليه ، كما لا يخفى على البصير المتأمّل.
تتميمان :
الأوّل : على عدم وجوب الترتيب ، كما اخترناه ، فهل يرجح تقديم الفائتة ، أو الحاضرة؟ المحكيّ عن أكثر القائلين بعدم الترتيب من المتأخرين الأوّل.
وعن الصدوقين وبعض من تأخر ، الثاني. ومال إليه والدي العلّامة ، بل ربما نسب إلى الأوّلين الوجوب ، وهو كما أشرنا إليه غير معلوم.
والتحقيق : أنّه لا شكّ أنّ تعجيل كلّ منهما في نفسه له فضيلة لا تنافيه فضيلة التعجيل لضدّه ، فإن درك فضيلة لا ينافي فقدان فضيلة أخرى ، وإن كان سببا له ، لعموم الأمر بالاستباق والمسارعة إلى الخيرات ، وإنّما الكلام في مزية فضيلة تعجيل إحداهما على فضيلة الأخرى ، واختصاص الحاضرة بخصوص فضل أوائل أوقاتها ، والحثّ عليها بكونها رضوان الله ، وآخره بأنّه غفران الله يوجب فضيلة خاصّة للحاضرة ، مضافا إلى الفضيلة المشتركة.