وعن ظاهر جماعة في الفرض الذي هو عقد لازم عدم اختصاصه بلفظ خاص ، فجوّزوه بقوله : « تصرّف فيه وانتفع به وعليك ردّ عوضه » ، أو « خذه بمثله ».
وعن جماعة في الرهن أنّ إيجابه يؤدّى بكلّ لفظ يدلّ عليه ، مثل قوله هذه وثيقة عندك أو أمسكه بمالك ، وفي الضمان بلفظ تعهّدت المال وتقلّدته وشبه ذلك ، والمزارعة بكلّ لفظ تدلّ على تسليم الأرض للمزارعة.
وعن مجمع البرهان (١) : « لا خلاف في جوازها بكلّ لفظ يدلّ عليه مع كونه ماضيا » ، وعن المشهور جوازها بلفظ الأمر ، نحو : ازرع ، والوقف بلفظ حرمت وتصدّقت ، مع القرينة الدالّة على إرادة الوقف ، مثل أن لا يباع ولا يورث ، مع أنها من الكنايات ، وغير ذلك مما هو ظاهر في الاكتفاء بغير الحقائق في العقود.
وجعل بعض أفاضل من عاصرناه ، الضابط في جميع العقود اللازمة الحقيقة ، ولكن ما تعمّ (٢) لفظ المعاملة ولفظ قرينة المجاز ، وجعله وجه الجمع بين اعتبارهم الحقائق وعدمه ، فيكون المعتبر الدلالة اللفظية الوضعية ، سواء كان اللفظ الدال على إنشاء العقد موضوعا له بنفسه أو مستعملا فيه مجازا بقرينة لفظ موضوع آخر ليرجع الإفادة بالآخر إلى الوضع ؛ إذ لا يعقل الفرق في الموضوع الذي هو مناط الصراحة بين إفادة لفظ للمطلب بحكم الوضع أو إفادته له بضميمة لفظ آخر يدلّ بالوضع على إرادة المطلب من ذلك ، وهذا بخلاف الذي يكون دلالته على المطلب لمقارنة حال أو سبق مقال خارج عن العقد ، فإن الاعتماد عليه في متفاهم المتعاقدين ـ وإن كان من المجازات القريبة جدّا ـ رجوع عما بني عليه من عدم العبرة بغير الأقوال في إنشاء المقاصد ، ولذا لم يجوّزوا العقد بالمعاطاة ولو مع سبق مقال أو اقتران حال يدلّ على إرادة البيع جزما ، انتهى.
__________________
(١) مجمع الفائدة والبرهان ١٠ : ٩٦.
(٢) كذا.