واستشكل به الاقتصار على المشترك اللفظي ، اتّكالا على القرينة الحالية المعيّنة وكذا المشترك المعنويّ ، لأنّ الانكشاف بغير الأقوال لا يؤثر في النقل والانتقال فلم يحصل هنا عقد لفظيّ يقع التفاهم به.
أقول : لا يخفى ما فيه.
أمّا أوّلا : فلأنّ أكثر ما ذكروه من أمثلة الكنايات الممنوعة يأبى عن هذا الجمع والإناطة بما ذكر ، كيف وقد سمعت من التذكرة التفريع على عدم الانعقاد بالكناية عدم وقوع البيع بقوله أدخلته في ملكك أو جعلته لك.
ومن التحرير وغيره وقوعه بملكتك أو ما يقوم مقامه ، وفي غير البيع انعقاده بما هو أدون من ذلك دلالة عليه ، مع أنّ عبارات المشترطين ظاهرة في كون العبرة بالصراحة والحقيقية باللفظ المستعمل في نفس المعاملة المقصودة الذي يلزم ويقع الإنشاء به ، وكونه دالا عليه بنفسه لا بمعونة قرينة ولو كانت لفظية.
وأمّا ثانيا : فلأنّ الفرق بالانعقاد وعدمه في المجازات بكون القرينة لفظية أو حالية مما لا يساعده دليل ، فإنّ المناط في الانعقاد ، إن كان إنشاء المعاملة باللفظ الموضوع لها ، فهو غير ما قيل في شيء منهما ، لتجوّز اللفظ المستعمل فيهما ، وإن كان فهمه في الأوّل بمعونة القرينة اللفظية وفي الثاني بالحالية ، وإن كان حصول إنشاء المعنى المقصود باللفظ دون مجرّد النيّة ، فهو ما قيل فيهما ، لحصوله بما استعمل فيه اللفظ واقعا ، لا بما هو طريق فهم المخاطب إياه ، فلا ينتقض بالمعاطاة ، إذ الإنشاء فيها بالفعل دون القول.
ثم أقول : تحقيق الحال على ما يختلج بالبال أنّه لا شك ولا خلاف في أنّ صيغ العقود من الأسباب الشرعية لانعقاد المعاملات وترتّب الآثار والأحكام عقيبها ، وكذا لا خلاف في اعتبار ظهور اللفظ فيها في المعنى المقصود ، وإن اختلفوا في