علي ومَنْ قبله من بني هاشم. أمّا بعد ، فإنّ مَنْ لحق بي استشهد ، ومَنْ لم يلحق بي لم يدرك الفتح ، والسّلام» (١).
قال أبو مخنف : حدّثني الحارث بن كعب الوالبي ، عن عقبة بن سمعان قال : لمّا خرج الحسين من مكّة اعترضته رسل عمرو بن سعيد بن العاص ، عليهم يحيى بن سعيد ، فقالوا له : انصرف أين تذهب؟ فأبى عليهم ومضى ، وتدافع الفريقان ، فاضطربوا بالسياط ، ثمّ إنّ الحسين وأصحابه امتنعوا منهم امتناعاً قوياً ، ومضى الحسين عليهالسلام على وجهِِهِ ، فنادوه : يا حسين ، ألا تتقي الله؟! تخرج من الجماعة وتفرّق بين هذه الأمّة؟ فتأوَّل حسين قول الله عزّ وجلّ : (وإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُون َ) يونس / ٤١ (٢).
روى الطبري ، قال هشام ، عن عوانة بن الحكم ، عن لَبَطَة بن الفرزدق بن غالب ، عن أبيه قال : حججت بأمّي ، فأنا أسوق بعيرها حين دخلت الحرم في أيام الحجّ وذلك في سنة ستين إذ لقيت الحسين بن علي عليهالسلام خارجاً من مكّة معه أسيافه وأتراسه (٣) ، فقلت : لمَنْ هذا القطار؟ فقيل : للحسين بن علي عليهالسلام. فأتيته فقلت : بأبي واُمّي يابن رسول الله! ما أعجلك عن الحج؟ فقال : «لو لم أعجل لأُخذت» (٤).
__________________
(١) كامل الزيارات / ١٥٧.
(٢) قال أبو مخنف بعد هذه الرواية : ثمّ إنّ الحسين عليهالسلام أقبل حتّى مرّ بالتنعيم ، فلقى بها عيراً قد أُقبل بها من اليمن بعث بها بحير بن ريسان الحميري إلى يزيد بن معاوية ، وكان عامله على اليمن ، وعلى العير الورس والحلل ينطلق بها إلى يزيد ، فأخذها الحسين عليهالسلام ، فانطلق [بها ، ثمَّ] قال لأصحاب الإبل : «لا أكرهكم ، مَنْ أحبّ أن يمضي معنا إلى العراق أوفينا كراءه وأحسنّا صحبته ، ومَنْ أحبّ أن يفارقنا من مكاننا هذا أعطيناه من الكراء على قدر ما قطع من الأرض» ، قال : فمَنْ فارقه منهم حوسب فأوفى حقّه ، ومَنْ مضى منهم معه أعطاه كراءه وكساه. (تاريخ الطبري ٤ / ٢٩٠) أقول : يبعد جدّاً أن يتصرّف الحسين عليهالسلام مثل هذا التصرّف.
(٣) حملة هذه الأسياف والأتراس هم بنو هاشم ، وممّن بايعه على النصرة من أصحابه لحمايته في الطريق.
(٤) تاريخ الطبري ٥ / ٣٨٦.