وقطع الطريق إلى الحج (١) ، ثمّ سجن على التهمة والظن ما يزيد على عشرة آلاف (٢) ، وكان منهم المختار بن أبي عبيد الثقفي (٣) ، ثمّ استطاع أن يمسك بمسلم وهاني ويقتلهما (٤) ، ثمّ وضع المسالح (٥) على منافذ العراق المؤدّية إلى الكوفة ، وسرح بالكتائب لتستقبل ركب الحسين عليهالسلام وأهل بيته الآتي من مكّة.
قال ابن سعد : وجمع ابن زياد المقاتلة وأمر لهم بالعطاء ، وأعطى الشُّرَط (٦).
قال الطبري : كتب ابن زياد بعد أن قتل مسلماً وهانئاً : أخبر أمير المؤمنين أكرمه الله أنّ مسلم بن عقيل لجأ إلى دار هانئ بن عروة المرادي ، وإنّي جعلت عليهما العيون ودسست إليهما الرجال (٧) وكدتهما حتّى استخرجتهما ، وأمكن الله تعالى منهما ، فقدّمتهما فضربت أعناقهما ، وقد بعثت إليك [برأسيهما] مع هانئ بن أبي حية الهمداني ،
__________________
(١) لم تذكر لنا كتب المقاتل ولا كتب التاريخ حوادث التقاء بين الحجّاج من الكوفيين والبصريين وغيرهم من أهل العراق إلاّ ما جرى بين زهير بن القين مع الحسين عليهالسلام ، ، وهو يفيد أنّ ابن زياد كان قد اتّخذ إجراء منع أهل الكوفة والبصرة من الحجّ وهو ما تقتضيه طبيعة الأشياء أيضاً.
(٢) قال الدكتور الخربوطلي في كتابه المختار ابن أبي عبيد الثقفي / ٧٤ : سجن ابن زياد اثني عشر ألفاً من الشيعة ، ولم يترك واحداً من زعمائهم طليقاً.
(٣) قال اليعقوبي : أقبل المختار في جماعة يريدون نصر الحسين عليهالسلام فأخذه عبيد الله بن زياد فحبسه ، وضربه بالقضيب حتّى شتر عينه ، فكتب فيه عبد الله بن عمر إلى يزيد ، وكتب يزيد إلى عبيد الله فخلّى سبيله ونفاه ، فخرج المختار إلى الحجاز فكان مع ابن الزبير. تاريخ اليعقوبي ٢ / ٧ ، طبعة النجف.
(٤) لم نتطرق إلى قصة مسلم في الكوفة وشهادته ؛ لأنّها تحتاج إلى بحث تفصيلي خاص بها ، لعلنا نفرد لها كتاباً في مستقبل الأيام إن شاء الله تعالى.
(٥) جمع مسلحة ، وهم القوم على الثغور وعلى مفاصل الطرق الكبيرة يحفظونها. سمّوا مسلحة ؛ لأنّهم يحملون السلاح.
(٦) الطبقات لابن سعد ١ / ٤٦٢.
(٧) وذلك لأنّ حركة مسلم لم تكن حركة علنية بل كانت سرية ، روى الطبري ٥ / ٣٥٤ قال : ثمّ دعا مسلم بن عقيل فسرحه مع قيس بن مسهر الصيداوي ، وعمارة بن عبيد السلولي وعبد الرحمن بن عبد الله بن الكدن الأرحبي ، فأمره بتقوى الله وكتمان أمره واللطف ، فإن رأى الناس مجتمعين مستوسقين عجّل إليه بذلك.