أربعة آلاف من أهل الكوفة يسير بهم إلى دَسْتَبَى (١) ، وكانت الديلم قد خرجوا إليها وغلبوا عليها ، فكتب إليه ابن زياد عهده على الري وأمره بالخروج. فخرج معسكراً بالناس بحمام أعْيَن (٢) ، فلمّا كان من أمر الحسين عليهالسلام ما كان ، وأقبل إلى الكوفة دعا ابن زياد عمر بن سعد فقال : سرّ إلى الحسين ، فإذا فرغنا ممّا بيننا وبينه سرت إلى عملك. فأقبل في أربعة آلاف حتّى نزل بالحسين عليهالسلام من الغد من يوم نزل الحسين عليهالسلام نينوى.
قال : فبعث عمر بن سعد إلى الحسين عليهالسلام عَزْرَة بن قيس الأحمسي فقال : ائته فسله ما الذي جاء به ، وماذا يريد؟ وكان عَزرة ممّن كتب إلى الحسين عليهالسلام ، فاستحيا منه أن يأتيه.
قال : فعرض ذلك على الرؤساء الذين كاتبوه فكلّهم أبى وكرهه.
قال : وقام إليه كثير بن عبد الله الشعبي ، وكان فارساً شجاعاً ليس يردّ وجهه شيء ، فقال : أنا أذهب إليه ، والله لئن شئت لأفتكنَّ به. فقال له عمر بن سعد : ما اُريد أن يُفتك به ، ولكن ائته فسله ما الذي جاء به؟ قال : فأقبل إليه ، فلمّا رآه أبو ثمامة الصائدي قال للحسين عليهالسلام : أصلحك الله أبا عبد الله ، قد جاءك شرّ أهل الأرض وأجرؤهم على دم وأفتكه. فقام إليه فقال : ضع سيفك. قال : لا والله ولا كرامة ؛ إنّما أنا رسول ، فإن سمعتم منّي أبلغتكم ما أرسلت به إليكم ، وإن أبيتم انصرفت عنكم. فقال له : فإنّي آخذ بقائم سيفك ثمّ تكلّم بحاجتك. قال : لا والله لا تمسّه. فقال له : أخبرني ما جئت به وأنا أبلغه عنك ، ولا أدعك تدنو منه فإنّك فاجر. قال : فاستبّا ، ثم انصرف إلى عمر بن سعد فأخبره الخبر.
قال : فدعا عمر قُرَّةَ بن قيس الحنظلي ، فقال له : ويحك يا قرّة القَ حسيناً فسله ما جاء به ، وماذا يريد؟ فأتاه قرّة بن قيس فلمّا رآه الحسين عليهالسلام مقبلاً قال : أتعرفون هذا؟ فقال حبيب بن مظاهر : نعم ، هذا رجل من حنظلة تميمي ، وهو ابن أختنا ، ولقد كنت أعرفه
__________________
(١) منطقة كبيرة كانت مقسومة بين الري وهمذان. أودستوا : بلدة بفارس ، وقيل : بلدة بالأهواز.
(٢) منطقة مشهورة بالكوفة ، وأعين مولى سعد بن أبي وقاص.