قال : وقطف رؤوس الباقين ، فسرح باثنين وسبعين رأساً مع شمر بن ذي الجوشن ، وقيس بن الأشعث ، وعمرو بن الحجّاج ، وعزرة بن قيس. فأقبلوا حتّى قدموا بها على عبيد الله بن زياد.
وروى نوح بن درّاج ، قال : حدّثني قدامة بن زائدة ، عن أبيه ، قال : قال علي بن الحسين عليهماالسلام : «… إنّه لمّا أصابنا بالطفّ ما أصابنا ، وقُتل أبي عليهالسلام ، وقُتل مَنْ كان معه من ولده وإخوته وسائر أهله ، وحُملت حرمه ونساؤه على الأقتاب يراد بنا الكوفة ، فجعلت انظر إليهم صرعى ولم يوارَوْا ، فعظم ذلك في صدري ، واشتدّ لِما أرى منهم قلقي ، فكادت نفسي تخرج ، وتبيّنت ذلك منّي عمّتي زينب الكبرى بنت علي عليهالسلام ، فقالت : ما لي أراك تجود بنفسك يا بقية جدّي وأبي وأخوتي؟!
فقلت : وكيف لا أجزع وأهلع وقد أرى سيّدي وإخوتي وعمومتي وولد عمّي وأهلي مضرّجين بدمائهم ، مرمّلين بالعرى ، مسلّبين لا يكفّنون ولا يوارون ، ولا يعرج عليهم أحد ، ولا يقربهم بشر ، كأنّهم أهل بيت من الديلم والخزر؟!
فقالت : لا يجزعنّك ما ترى ، فو الله إنّ ذلك لعهد من رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى جدّك وأبيك وعمّك ، ولقد أخذ الله ميثاق أُناس من هذه الأمّة لا تعرفهم فراعنة هذه الأمّة ، وهم معروفون في أهل السماوات أنّهم يجمعون هذه الأعضاء المتفرّقة فيوارونها ، وهذه الجسوم المضرّجة وينصبون لهذا الطفّ علماً لقبر أبيك سيّد الشهداء لا يدرس أثره ، ولا يعفو رسمه على كرور الليالي والأيام ، وليجتهدنّ أئمّة الكفر وأشياع الضلالة في محوه وتطميسه فلا يزداد أثره إلاّ ظهوراً ، وأمره إلاّ علوّاً» (١).
__________________
(١) كامل الزيارات ـ جعفر بن محمد بن قولويه / ٤٤٤. وفي الرواية بقية ، تقول زينب : إنّ أمّ أيمن حدّثتها أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله زار منزل فاطمة عليهاالسلام في يوم من الأيام ، فعملت له حريرة ، وأتاه علي عليهالسلام بطبق فيه تمر ، ثمّ قالت أمّ أيمن : فأتيتهم بعسّ فيه لبن وزبد ، فأكل رسول الله صلىاللهعليهوآله وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهاالسلام من تلك الحريرة ، وشرب رسول الله صلىاللهعليهوآله وشربوا من ذلك اللبن ، ثمّ أكلّ وأكلوا من ذلك التمر والزبد ، ثمّ غسل رسول الله صلىاللهعليهوآله يده وعلي يصبّ عليه الماء ، فلمّا فرغ من غسل يده مسح وجهه ،