قال ابن أعثم : لمّا قُتل الحسين عليهالسلام استوسق العراقان جميعاً (الكوفة والبصرة) لعبيد الله بن زياد وأوصله يزيد بألف ألف درهم جائزة ، ثمّ علا أمره ، وارتفع قدره ، وانتشر ذكره ، وبذل الأموال ، واصطنع الرجال ، ومدحته الشعراء حتّى قال فيه المليح بن الزبير الأسدي :
إليك عبيد الله تهوى ركابنا |
|
تسعفُ إخوانَ الفلاةِ وتدأبُ |
إذا ذكروا فضل امرئ ونوالَهُ |
|
ففضلُ عبيد الله أسنى وأطيبُ (١) |
أقول :
استمر الحال كذلك إلى قريب من سنتين حتّى ثار أهل المدينة ، ولم تكن ثورتهم لأجل إحياء خطّة الحسين عليهالسلام ، بل كانت تأثّراً بثورته وشهادته.
واقتص منهم يزيد بقسوة متناهية.
ثمّ غزا البيت الحرام ، حيث كان عبد الله بن الزبير قد أعلن ثورته هناك ، ورماه بالمنجنيق.
ثمّ بتر الله عمر يزيد (هُو يُحيِي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) يونس / ٥٦ ، فمات بعد قتل الحسين بثلاث سنوات.
واستقال ابنه معاوية الثاني بعد أن جاءته البيعة من الآفاق : (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِه) الأنفال / ٢٤.
واقتتل أهل الشام على السلطة.
وتزلزلت الأرض تحت بني اُميّة حتّى انهار حكمهم سنة ١٣٢ هجرية كما سنبيّنه في الفصل الآتي.
__________________
(١) الفتوج ٥ / ٢٥٢.