حتّى أراد أن يكون أميراً علينا! فبكى الناس وأعرضوا عن عمر ، وكان المبرزات في ذلك نساء همدان ، وقد كان علي عليهالسلام مائلاً إلى همدان ، مؤثراً لهم ، وهو القائل :
فلو كنتُ بوّاباً على بابِ جنّة |
|
لقلتُ لهمدان ادخلوا بسلامِ (١) |
ثمّ اصطلحوا على عامر بن مسعود بن أميّة بن خلف الجمحي القرشي وبايعوا لابن الزبير.
قال ابن حجر : وكان عامر يلقّب دُحروجَة الجُعَل ؛ لأنّه كان قصيراً ، ثمّ اتفق عليه أهل الكوفة بعد موت يزيد بن معاوية ، فأقرَّه ابن الزبير قليلاً ، ثمّ عزله بعد ثلاثة أشهر ، وولاّها عبد الله بن يزيد الخطمي.
ويُقال : إنّ دُحروجة الجُعل هذا خطب أهل الكوفة فقال : إنّ لكلّ قوم شراباً فاطلبوه في مظانّه ، وعليكم بما يحِل ويُحمَد ، واكسروا شرابكم بالماء.
وفي ذلك يقول الشاعر :
مَنْ ذا يحرّمُ ماءَ المزنِ خالطه |
|
في قعرِ خابيةٍ ماءُ العناقيدِ |
إنّي لأكرهُ تشديدَ الرواةِ لنا |
|
فيها ويعجبني قولُ ابنِ مسعودِ |
وكثير من الناس يظنّ أنّ الشاعر عنى عبد الله بن مسعود وليس كذلك ، وإنّما عنى هذا (٢).
قال ابن أبي الحديد : وكان عامر بن مسعود مع عائشة في حرب الجمل ، وهرب فنجا من القتل ، وله ولغيره من بني جمح يقول علي عليهالسلام : «وأفلتتني أعيارُ بني جمح». (والعير : الحمار) (٣). وقد عاش حتّى ولاّه زياد صدقات بكر بن وائل ، وولاّه عبد الله بن الزبير بن العوّام الكوفة ، فكان يصلّي بالناس.
__________________
(١) مروج الذهب ٣ / ٨٥.
(٢) الإصابة ٣ / ٦٠٣.
(٣) جاء في شرح نهج البلاغة ١١ / ١٢٦ أنّ عامر بن مسعود بن أميّة بن خلف كان يسمّى دُحروجة الجُعل ؛ لقصره وسواده.