وشبث بن ربعي قالوا لعبد الله بن يزيد الخطمي وإبراهيم الأعرج : أنّ سليمان بن صرد يريد قتال أعدائكما ، وأنّ المختار يريد الوثوب بكما والإفساد عليكما ، فأخذاه فحبساه وقيّداه.
والذي تجدر الإشارة إليه هو أنّ هناك تشويهاً لحق بحركة سليمان بن صرد وزملائه ؛ فالعبارة حين نسبت إليه بعض الروايات كلمات من قبيل ما نسب إلى المسيَّب بن نجبة قوله : أمّا بعد ، فقد ابتلينا بطول العمر ... وقد بلا الله أخبارنا فوجدنا كاذبين في أمر ابن ابنة نبيّنا ، وقد بلغتنا كتبه ، وقد أتتنا رسله ، وسألنا نصره عوداً وبدءاً ، وعلانية وسرّاً ، فبخلنا بأنفسنا حتّى قُتل إلى جانبنا ، فلا نحن نصرناه بأيدينا ، ولا جادلنا عنه بألسنتنا ، ولا قويناه بأموالنا ، ولا طلبنا له النصرة إلى عشائرنا .... وما نسب إلى سليمان بن صرد بعد أن قلّده الثائرون رئاستهم قوله : إنّي أخاف ألاّ نكون أُخِّرنا إلى هذا الدهر الذي نكدت فيه المعيشة ، وعظمت فيه الرزية لما هو خير لنا ، إنّا كنّا نمد أعناقنا إلى آل بنيّنا ونمنّيهم النصر ، ونحثّهم على القدوم ، فلمّا قدموا علينا ونينا وعجزنا ، وداهنّا وتربصنا حتّى قُتل ... وأنّهم بكوا عند قبر الحسين عليهالسلام ، ونادوا : يا لثارات الحسين عليهالسلام ، وأظهروا التوبة من خِذلانه.
إنّ هذه الروايات والكلمات وغيرها التي أكثر منها أبو مخنف في كتابه ، وعنه انتشرت ، ممّا ينبغي التريُّث في قبوله ؛ إذ أنّ أبا مخنف ألَّف كتابه هذا في زمن تبنى فيه أبو جعفر المنصور حملة إعلامية كالتي تبنّاها معاوية في زمانه ، استهدفت حملة معاوية تكريس النيل من علي عليهالسلام ، وهذه استهدفت النيل من شيعة علي في الكوفة خاصّة ، وقد أشرنا إلى ذلك في المقدّمة (١).
__________________
(١) أشرنا إلى طرف من هذا الانقلاب في كتابنا (المدخل إلى دراسة مصادر السيرة والتاريخ) ـ الباب الثالث ـ الفصل السادس : العوامل المؤثرة في التدوين التاريخي عند المسلمين / ٤٦٩ ـ ٤٨٩.