وكان السبب في ذلك فيما ذكر هشام عن أبي مخنف ، وعلي بن محمد ، عن مسلمة بن محارب : أنّ عبد الله بن الزبير حبس محمد بن الحنفيّة ومَنْ معه من أهل بيته ، وسبعة عشر رجلاً من وجوه أهل الكوفة بزمزم ، وكرهوا البيعة لمَنْ لم تجتمع عليه الأمّة ، وهربوا إلى الحرم ، وتوعّدهم بالقتل والإحراق ، وأعطى الله عهداً إن لم يبايعوا أن ينفذ فيهم ما توعّدهم به ، وضرب لهم في ذلك أجلاً. فأشار بعض مَنْ كان مع ابن الحنفيّة عليه أن يبعث إلى المختار ، وإلى مَنْ بالكوفة رسولاً يعلمهم حالهم وحال مَنْ معهم ، وما توعّدهم به ابن الزبير ؛ فوجّه ثلاثة نفر من أهل الكوفة إلى المختار وأهل الكوفة يعلمهم حاله وحال مَنْ معه ، وما توعّدهم به ابن الزبير من القتل والتحريق بالنار ، فقدموا على المختار.
فوجّه المختار أبا عبد الله الجدلي في سبعين راكبا من أهل القوة.
ووجه ظبيان بن عمارة أخا بني تميم ومعه أربعمئة وأبا المعتمر في مئة.
وهانئ بن قيس في مئة ، وعمير بن طارق في أربعين ، ويونس بن عمران في أربعين ، وكتب إلى محمد بن علي مع الطفيل بن عامر ومحمد بن قيس بتوجيه الجنود إليه.
فخرج الناس بعضهم في أثر بعض ، وجاء أبو عبد الله حتّى نزل ذات عرق في سبعين راكباً ، ثمّ لحقه عمير بن طارق في أربعين راكباً ، ويونس بن عمران في أربعين راكباً ، فتمّوا خمسين ومئة ، فسار بهم حتّى دخلوا المسجد الحرام ، وهم ينادون : يا لثارات الحسين! حتّى انتهوا إلى زمزم ، وقد أعدّ ابن الزبير الحطب ليحرقهم ، وكان قد بقي من الأجل يومان.
فطردوا الحرس وكسروا أعواد زمزم ، ودخلوا على ابن الحنفيّة ، فقالوا له : خلّ بيننا
__________________
سعد في الطبقة الأولى من تابعي أهل الكوفة ، وروى عن سلمان الفارسي ، وعن علي عليهالسلام ، وعائشة وغيرهم. روى عنه الشعبي ، وأبو إسحاق السبيعي ، وسعيد بن خالد الجدلي وآخرون. ووثقه أحمد وابن معين والعجلي.