يابن الزبير ، ما تقول لله إذا قدمت عليه وقد قتلت أمّة من المسلمين صبراً؟ حكموك في دمائهم فكان الحقّ في دمائهم ألاّ تقتل نفساً مسلمة بغير نفس مسلمة ؛ فإن كنّا قتلنا عدّة رجال منكم فاقتلوا عدّة مَنْ قتلنا منكم وخلّوا سبيل بقيتنا ، وفينا الآن رجال كثير لم يشهدوا موطناً من حربنا وحربكم يوماً واحداً ، كانوا في الجبال والسواد يجبون الخراج ويؤمنون السبيل.
فلم يستمع له.
قال أبو جعفر : وحدّثني عمر بن شبة قال : حدّثنا علي بن محمد قال : لمّا قُتل المختار شاور مصعب أصحابه في المحصورين الذين نزلوا على حكمه. فقال عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث ، ومحمد بن عبد الرحمن بن سعيد بن قيس وأشباههم ممّن وترهم المختار : اقتلهم.
وضجّت ضجّة وقالوا : دم منذر بن حسان.
فقال عبيد الله بن الحرّ : أيّها الأمير ، ادفع كلّ رجل في يديك إلى عشيرته تمنّ عليهم بهم ؛ فإنّهم إن كانوا قتلونا فقد قتلناهم ، ولا غنى بنا عنهم في ثغورنا. فأمر مصعب بالقوم جميعاً فقتلوا ، وكانوا ستة آلاف.
فقال عقبة الأسدي :
قتلتم ستةَ الآلاف صبراً |
|
مع العهدِ الموثّقِ مكتفينا |
وما كانوا غداةَ دعوا فغروا |
|
ذلولاً ظهره للواطئينا |
جعلتم ذمّةَ الحبطي جسراً |
|
بعهدهمُ بأوّلِ خائنينا |
قال أبو مخنف : حدّثني محمد بن يوسف أنّ مصعباً لقي عبد الله بن عمر ، فسلّم عليه وقال له : أنا ابن أخيك مصعب.