ولتستقيمنّ عليه أو لأجعلنّ لكلّ امرئ منكم شغلاً في جسده ...
ألا لا يركبنّ أحد منكم إلاّ وحده ... وقد بلغني رفضكم
للمهلّب ، وإقبالكم إلى مصركم عصاة مخالفين. وأقسم بالله لا أجد
رجلاً بعد ثلاثة ممّن أخلّ بمركزه إلاّ ضربت عنقه.
ثمّ دعا بالعرفاء فقال لهم : الحقوا الناس بالمهلّب ، وأتوني بكتبه بموافاتهم ، ولا أستبطئكم فأضرب أعناقكم (١).
قال البلاذري : ثمّ أمر مناديه أن برئت الذمّة من عاصٍ مخلٍ بمركزه وجدناه بالكوفة بعد ثلاث ، فالحقوا ببعث المهلّب وبمكاتبكم من الثغور ، ومغازيكم للخوارج.
وجاء عمير بن ظابئ بن الحارث البرجمي التميمي (وكان سيد الحي) (٢) فقال : أصلح الله الأمير ، إنّي شيخ كبير عليل ، وهذا ابني حنظلة وليس في بني تميم رجل أشدّ منه ظهراً وبطشاً ، فإن رأيت أن تخرجه مكاني بديلاً فافعل. فقال الحجّاج : اضربوا عنقه. فضربوا عنقه ، فلمّا ضُربت عنق عمير تطايرت عُصاة الجيوش إلى مكاتبهم التي رفضوها ، ولحق كلّ مخل بثغره ومركزه. وكان الحجّاج أوّل مَنْ ضرب أعناق العصاة.
ثمّ عيَّن أخاه لأمّه عروة بن المغيرة بن شعبة نائباً عنه طوال مدّة غيابه.
وخرج إلى البصرة وخطب وهدَّد بذلك أيضاً ، فأتاه شريك بن عمرو اليشكري (وكان به فتق ، وكان أعور يضع على عينه قطنة فسُمّي ذا الكرسف) ، فقال له : أصلح الله الأمير ، إنّي عرضت على بشر بن مروان فأمر العراض أن يوقعوا على اسمي (زمناً) وأعطوني ، فهذا عطائي قد جئتك به لتردّه إلى بيت المال. فأمر به فضُربت عنقه لاستعفائه ، وكان عريفاً ، فلم يبقَ بالبصرة عاص إلاّ لحق بالمهلّب وبمكتبه.
وجيء برجل وقت غداء الناس عند الحجّاج ، فقيل له : هذا عاص. فقال الرجل : والله
__________________
(١) أنساب الأشراف ٧ / ٢٧٤.
(٢) تاريخ الطبري ٦ / ٢٠٨.