قال : «فامضوا بنا إليه». فأتاه فقال له : «شكرت الواهب ، وبورك لك في الموهوب. ما سمّيته؟».
فقال : يا أمير المؤمنين ، أو يجوز لي أن اُسمّيه حتّى تسمّيه؟
فقال : «أخرجه إلي». فأخرجه ، فأخذه فحنّكه ودعا له ثمّ ردّه إليه ، وقال : «خذ إليك أبا الأملاك ، قد سمّيته علياً ، وكنّيته أبا الحسن».
قال : فلمّا قدم معاوية خليفة قال لعبد الله بن العباس : لا أجمع لك بين الاسم والكنية ، قد كنيته أبا محمد ، فجرت عليه.
قلت : سألت النقيب أبا جعفر يحيى بن محمد بن أبي زيد (رحمه الله تعالى) ، فقلت له : من أي طريق عرف بنو اُميّة أنّ الأمر سينتقل عنهم ، وأنّه سيليه بنو هاشم ، وأوّل مَنْ يلي منهم يكون اسمه عبد الله؟ ولِمَ منعوهم عن مناكحة بني الحارث بن كعب ؛ لعلمهم أنّ أوّل مَنْ يلي الأمر من بني هاشم تكون اُمّه حارثية؟ وبأيّ طريق عرف بنو هاشم أنّ الأمر سيصير إليهم ، ويملكه عبيد أولادهم حتّى عرفوا صاحب الأمر بعينه كما قد جاء في الخبر؟
فقال : أصل هذا كلّه محمد بن الحنفيّة ، ثمّ ابنه عبد الله المكنّى أبا هاشم. قلت له : أفكان محمد بن الحنفيّة مخصوصاً من أمير المؤمنين عليهالسلام بعلم يستأثر به على أخويه حسن وحسين عليهماالسلام؟ قال : لا ، ولكنّهما كتما وأذاع.
ثمّ قال : قد صحت الرواية عندنا عن أسلافنا ، وعن غيرهم من أرباب الحديث أنّ علياً عليهالسلام لمّا قبض أتى محمد ابنه أخويه حسناً وحسيناً عليهماالسلام ، فقال لهما : أعطياني ميراثي من أبي. فقالا له : «قد علمت أنّ أباك لم يترك صفراء ولا بيضاء». فقال : قد علمت ذلك ، وليس ميراث المال أطلب ، إنّما أطلب ميراث العلم.
قال أبو جعفر (رحمه الله تعالى) : فروى أبان بن عثمان عمّن يروي له ذلك ، عن جعفر بن محمد عليهالسلام ، قال : فدفعا إليه صحيفة ، لو أطلعاه على أكثر منها لهلك ، فيها ذكر دولة بني العباس.