قال أبو جعفر : وقد روى أبو الحسن على بن محمد النوفلي ، قال : حدّثني عيسى بن علي بن عبد الله بن العباس ، قال : لمّا أردنا الهرب من مروان بن محمد ، لمّا قبض على إبراهيم الإمام جعلنا نسخة الصحيفة ـ التي دفعها أبو هاشم بن محمد بن الحنفيّة إلى محمد بن علي بن عبد الله بن العباس ، وهي التي كان آباؤنا يسمونها صحيفة الدولة ـ في صندوق من نحاس صغير ، ثمّ دفناه تحت زيتونات بالشراة (١) لم يكن بالشراة من الزيتون غيرهن ، فلمّا أفضى السلطان إلينا وملكنا الأمر ، أرسلنا إلى ذلك الموضع ، فبحث وحفر فلم يوجد فيه شيء ، فأمرنا بحفر جريب من الأرض في ذلك الموضع حتّى بلغ الحفر الماء ولم نجد شيئاً.
قال أبو جعفر : وقد كان محمد بن الحنفيّة صرّح بالأمر لعبد الله بن العباس وعرفه تفصيله ، ولم يكن أمير المؤمنين عليهالسلام قد فصل لعبد الله بن العباس الأمر ، وإنّما أخبره به مجملاً ، كقوله في هذا الخبر : «خذ إليك أبا الأملاك». ونحو ذلك ممّا كان يعرض له به ، ولكن الذي كشف القناع وأبرز المستور عليه هو محمد بن الحنفيّة. وكذلك أيضاً ما وصل إلى بني اُميّة من علم هذا الأمر ؛ فإنّه وصل من جهة محمد بن الحنفيّة ، وأطلعهم على السرّ الذي علمه ، ولكن لم يكشف لهم كشفه لبني العباس ؛ فإنّ كشفه الأمر لبني العباس كان أكمل.
قال أبو جعفر : فأمّا أبو هاشم ؛ فإنّه قد كان أفضى بالأمر إلى محمد بن علي بن عبد الله بن العباس وأطلعه عليه ، وأوضحه له ، فلمّا حضرته الوفاة عقيب انصرافه من عند الوليد بن عبد الملك مرّ بالشراة ، وهو مريض ومحمد بن علي بها ، فدفع إليه كتبه وجعله وصيه ، وأمر الشيعة بالاختلاف إليه.
قال أبو جعفر : وحضر وفاة أبي هاشم ثلاثة نفر من بني هاشم ؛ محمد بن علي هذا ،
__________________
(١) الشراة : صقع بالشام بين المدينة ودمشق ، ومن بعض نواحيه القرية المعروفة بالحميمة. ياقوت / ١٥٠ مجملاً.